(ويُكره التنفل بينها) أي: بين التراويح، روى الأثرم عن أبي الدرداء: أنه أبصر قومًا يُصلُّون بين التراويح فقال: "ما هذه الصلاة أتصلِّي وإمامك بين يديك؟، ليس منا من رغب عنَّا"(٢٣) و (لا) يُكره (التعقيب) وهو: الصلاة (بعدها) أي: بعد
بعدهما، وهذا مثبت للطريقة الثانية هنا، الثالثة: المصلحة؛ حيث إنه إذا أوتر مع إمامه: - سواء شفعه أو لا -: فإنه يتحصَّل على أجر الوتر، وأجر متابعة الإمام، والانصراف معه، وأجر التهجُّد آخر الليل، وهذا فضل عظيم، فإن قلتَ: إن قيام المأموم المتهجِّد ليأتي بركعة تشفع له الوتر الذي صلَّاه مع إمامه يُعتبر مخالفًا فيه إمامه، وهذا حرام؛ حيث نهى الشارع عن ذلك قائلًا:"فلا تختلفوا عليه" والنهي مطلق، فيقتضي التحريم، وخالف أيضًا ما نواه أولًا من أنه سيصلي وترًا فصلى شفعًا قلتُ: هذه ليست بمخالفة للإمام؛ لأن هذا لما دخل مع إمامه لصلاة الوتر نوى قبل الدخول فيها أنه سيُصلِّيها شفعًا، لا وترًا، ففعل ما نواه؛ قياسًا على المقيم إذا صلى وراء مسافر فإنه ينوي هذا المقيم أنه سيتم الصلاة، فإذا سلم المسافر من ركعتين: قام المقيم ليتم صلاته؛ وقد أمر ﵇ بذلك لما كان في مكة ثمان عشرة ليلة - بعد الفتح - يصلي ركعتين، ويقول لأهل مكة:"صلوا أربعًا فإنا سُفُر" فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "هل قيام المأموم ليشفع وتره تُعتبر مخالفة للإمام المنهي عنها أو لا؟ " فعندنا: لا، وعندهم: نعم.
(٢٣) مسألة: يُكره أن يُصلِّي المأموم في التراويح نافلة بعد كل تسليمة من ركعتين أو أربع؛ لقول الصحابي؛ حيث أنكر أبو الدرداء ذلك، فإن قلتَ: لمَ كُرِه ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه نوع مفارقة للإمام والرغبة عنه - وقد أشار أبو الدرداء إلى ذلك - وفيه مشقة على من فعل ذلك، مما قد يؤدِّي إلى انقطاعه عن مواصلة صلاة التراويح مع الإمام، فدفعًا لذلك: كره.