للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لغير الضرار، قاله الشيخ تقي الدين وابن القيم (إلى بلد بعيد) مسافة قصر فأكثر؛ (ليسكنه وهو) أي: البلد (وطريقه: آمنان فحضانته) أي: المحضون (لأبيه)؛ لأنه الذي يقوم بتأديبه، وتخريجه، وحفظ نسبه، فإذا لم يكن الولد في بلد الأب: ضاع (وإن بعد السفر) وكان (لحاجة) لا لسكنى: فمقيم منهما أولى أو قرب) السفر (لها) أي: لحاجة ويعود: فالمقيم منهما أولى؛ لأن في السفر إضرارًا به (أو) قرب السفر، وكان (للسكنى: فـ) الحضانة (لأمه)؛ لأنها أتم، شفقة، وإنما أخرجتُ كلام المصنف عن ظاهره؛ ليوافق ما في "المنتهى" وغيره (٢٤).

= مصالح للطفل المحضون، ودفع مفاسد عنها، ولو تدبَّرتها لوجدت ذلك واضحًا، فإن قلتَ: لا يُشترط الرابع في حق المرأة، فيصلح أن تكون الكافرة حاضنة لطفل من أبوين مسلمين، وهو قول أكثر الحنفية؛ للسنة القولية: حيث إن رافعًا أسلم، وأبت زوجته الإسلام، وعزم رافع على أخذ ابنته منها، فجاءت إلى النبي : فخير النبي الابنة، فاختارت أمها، فدعى النبي لها قائلًا: "اللهم اهدها" فمالت إلى أبيها فأخذها وهذا يلزم منه: أن الأم تصلح للحضانة وإن كانت كافرة وغير الأم مثلها في ذلك، من باب "مفهوم الموافقة" قلتُ: إن هذا الحديث قد ضعَّفه علماء الحديث، وعلى فرض صحته: فيحتمل أن النبي قد علم أنها تختار أباها بسبب دعوته، فكان ذلك خاصًا في هذه القضية، ولا يُعمَّم حكمها، وإذا تطرّق الاحتمال إلى الدليل بطل به الاستدلال؛ فإن قلت: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "الاختلاف في صحة الحديث" وأيضًا: "الاختلاف في كونه عامًا أو لا" فعندنا: لم يصح، وإن صح: فلا يعمم، وعندهم: يصح، ويعمم.

(٢٤) مسألة: إذا أراد أبو الطفل السفر، أو أمه: فإن حضانته تختلف باختلاف الحالات التي سيأتي بيانها: الحالة الأولى: إن كان السفر طويلًا، إلى بلد بعيد أكثر من مسافة قصر - وهي ٨٢ كم-؛ ليسكنه فإن الحضانة من حق أبيه بشرطين: =

<<  <  ج: ص:  >  >>