للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يحسنان العربية أو لا، وهو مذهب الجمهور؛ لقاعدتين الأولى: القياس؛ بيانه: كما أن سائر العقود لا يُشترط في الإيجاب والقبول لفظ معيَّن، بل يكفي كل ما دلّ عليهما من قول أو فعل بأي لغة فكذلك عقد النكاح، وقبوله مثل ذلك والجامع: أن كلًّا منها عقد معاوضة، أتى كل أحد بلفظه الخاص فانعقد به كانعقاده بالعربية، الثانية: التلازم؛ حيث إن ذلك فيه توسعة وتيسير على العباد، وهو غير خافٍ على أحد، فإن قلتَ: لا يصح الإيجاب والقبول إلّا باللغة العربية ممن يحسنها فلا يصح الإيجاب إلا بلفظ: "أنكحتك" أو "زوجتك"، ولا يصح القبول إلّا بلفظ: "قبلتُ" أو تزوجت" أو "رضيتُ"، أما إذا عجز عنهما بالعربية فلا يلزمه تعلمهما، ويكفي معناهما الخاص بكل لسان وهذا ما ذكره المصنف هنا وهو مذهب كثير من الحنابلة؛ للتلازم؛ حيث إن تلك الألفاظ صريحة في النكاح والتزويج وقبول ذلك وردت بالقرآن؛ حيث قال تعالى: ﴿زَوَّجْنَاكَهَا﴾ وقال ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ﴾ فيلزم من ذلك التقيُّد بها لمن يحسن العربية، ويلزم من كونها غير متعبَّد بها: عدم وجوب تعلمها على من جهلها. قلتُ: إن ورود تلك الألفاظ في القرآن لا يلزم التقيد بها كما زعمتم؛ إذ لو لزم ذلك: لوجب الالتزام بكل لفظ يخص عقد ورد في القرآن، وهذا لم يقله أحد، ولا نُسلِّم أنه يلزم من كونها صريحة في النكاح: لزومها لمن يحسنها؛ لأن غيرها من الألفاظ والأفعال صريحة عند من يُعبِّر بها، أما قولكم: إنه غير متعبَّد بها: فهو مذهبنا، وهو منطلقنا فيما قلناه، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "الخلاف فيما ورد من ألفاظ القرآن مما يخص الأحكام هل الأصل التقيُّد بها؟ " فعندنا: الأصل أنه لا يتقيد بها إلّا إذا ورد دليل يوجب ذلك، وعندهم: الأصل: أنه يتقيَّد بها إلا إذا ورد دليل يمنع ذلك.

[فرع]: إذا أراد السيد أن يتزوج أمته: فإنه يقول: "أعتقتكِ، وجعلتُ عتقكِ صداقك" وإن سمى دراهم مع ذلك تكون مهرًا ولو قلَّت: لكان أولى؛ للسنة=

<<  <  ج: ص:  >  >>