جذاذ عشرين وسقًا من ماله بالعالية، فلما مرض قال:"يا بنية كنتُ قد نحلتك جذاذ عشرين وسقًا، ولو كنت حِزْتِيْه، أو قبضتيه: كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث، فاقتسموه على كتاب الله تعالى"، وروى ابن عيينة عن عمر نحوه، ولم يعرف لهما في الصحابة مخالف (١١)(إلا ما كان في يد متّهب) وديعة، أو غصبًا، أو نحوهما؛ لأن قبضه مستدام، فأغنى عن الابتداء (١٢)(ووارث الواهب) إذا مات قبل القبض (يقوم
اشتراطه، فدل على تملك الهدية والعطية والهبة بدون إيجاب ولا قبول؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، الثانية: فعل الصحابي؛ حيث إن كثيرًا من الصحابة كانوا يتعاملون بالمعاطاة ويتملكون بها، الثالثة: التلازم؛ حيث يلزم من الرضى بنقل الملك بالمعاطاة: عدم الحاجة إلى الإيجاب والقبول، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة: حيث إن ذلك فيه توسعة وتيسير على الناس؛ إذ لو لم يملك أحد الهبة إلا بألفاظ معينة: لشق ذلك على الناس.
(١١) مسألة تلزم الهبة، والهدية، والعطية بقبضها بإذن الواهب، أي: تصح بالإيجاب والقبول والمعاطاة وقبض الموهوب له لها، فلا تصح هبة بدون ذلك القبض؛ لقاعدتين: الأولى: قول الصحابي؛ حيث إن أبا بكر قد وهب عائشة بعض التمر، ولم تقبضه، فلما مرُض مرض الموت: أخذه منها قائلًا: "إن حدث لي الموت فاقتسموه فيما بينكم قسمة مواريث" وهذا يلزم منه اشتراط القبض، فلو لم يكن القبض مشترطًا وتلزم به: لما جاز لأبي بكر أخذ ذلك التمر من عائشة؛ الثانية: التلازم؛ حيث يلزم من عدم قبضها: عدم استحقاقها إلا بإذنه كأصل العقد.
(١٢) مسألة: إذا كانت العين الموهوبة في يد الموهب له كأن تكون وديعة عنده، أو كان قد غصبها: فيكفي في ذلك عقد الهبة بمجرَّد العقد، ولا يحتاج إلى القبض، ولا إلى إذن واهب في القبض؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كون العين الموهوبة في يد الموهوب له: عدم الحاجة إلى ابتداء القبض ولكن ذلك محتاج =