أعطى ثوبه قصارًا، أو خياطًا) ليعملاه (بلا عقد: صح بأجرة العادة)؛ لأن العرف الجاري بذلك يقوم مقام القول، وكذا: لو دفع متاعه لمن يبيعه، أو استعمل حمالًا ونحوه فله أجرة مثله، ولو لم يكن له عادة بأخذ الأجرة (١١)، الشرط
= فإن قلتَ: لِمَ شرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ وهي سد حاجة الناس. فإن قلتَ: لِمَ اشترطت تلك الشروط هنا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية المرضعة ووالد الطفل من الجهل في بعض ما تترتَّب عليه تلك الرضاعة: من طول مدة أو قصرها، وكبر حجم الطفل أو صغره، ومشقة ذهاب المرضعة إلى والد الطفل، أو عدمها، وكثرة أجره أو قلَّتها؛ حيث إن الجهل في تلك الأمور يُؤدِّي إلى التنازع والاختلاف، فدفعًا لذلك: اشترطت تلك الشروط، فإن قلتَ: إن التأجير بالطعام لا يصح مطلقًا: سواء تأجير المرء نفسه بطعامه، أو الظئر؛ للمصلحة: حيث إن الطعام والعمل والرضاع والحليب الذي يرضعه الطفل يختلف كثرةً وقلةً اختلافًا متباينًا، فيكون مجهولًا، فيقع غرر بسبب ذلك فيلزم عدم صحته؛ لفقدان شرطه وهو: معرفة العمل، والأجرة - قلتُ: إن اختلاف هذا واقع، ولكن يُقدَّر ذلك بما تعارف الناس عليه من عمل، وطعام، ولبن، والعادة محكَّمة، كما قيل في الإطعام والكسوة في كفارة اليمين حيث إنه يكفي في ذلك أدنى ما يُطلق عليه الاسم، وكذا: الوصية ونحو ذلك، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض الكتاب وفعل الصحابي، والمصلحة العامة مع المصلحة الخاصة التي ذكرها المخالف".
(١١) مسألة: إذا دفع زيد إلى عمرو قماشًا ليخيطه له، أو يُقصِّره له، أو دخل حمامًا لعمرو ليتنظف فيه، أو ركب سفينة ليسافر عليها، أو أعطاه متاعه ليبيعه له، أو حمَّله متاعًا ليحمله له إلى منزله، ووقع ذلك من غير عقد إجارة ولا شرط، ولا ذكر للتعويض، وكان عمرو قد أعدَّ ونصب نفسه لذلك بأن كان خياطًا، أو قصَّارًا، أو صاحب حمام أو سفينة، أو بياعًا، أو حمالًا: فإن هذا يصح؛ ويعطى أجرة =