فلم يجز قبل ثبوته، ولأنه تابع للحق فلا يسبقه (١٠)، ويُعتبر: أن يكون (بدين ثابت) أو مآله إليه حتى على عين مضمونة كعارية، ومقبوض بعقد فاسد، ونفع إجارة في ذمَّة (١١) لا على دين كتابة، أو دية على عاقلة قبل الحلول، ولا بعهدة مبيع، وثمن
الكتابة، فيلزم أن يكون الرهن بعد وجوب الحق؛ لأن محلَّ الكتابة هو بعد وجوب الحق، الثانية: القياس، بيانه: كما أن الضَّمان يكون بعد وجوب الحق فكذلك الرهن والجامع: أن كلًّا منهما عن دين ثابت تدعو الحاجة إلى الوثيقة به.
(١٠) مسألة: يصح الرَّهن قبل الحق، بأن يذكر الراهن شيئًا قبل عقد البيع بينهما إذا كان الكلام متصلًا فمثلًا يصح أن يقول زيد - وهو الراهن - "رهنتك هذه الدار بعشرة آلاف تقرضنيها إلى بعد سنة" فيقول المرتهن "قبلتُ"؛ للقياس؛ بيانه: كما يجوز ذلك في الضمان فكذلك يجوز في الرهن والجامع: أن كلًّا منهما عن دين ثابت وأنه وثيقة بالحق، فلا يُفرَّق بين تقديم ذلك أو تأخيره، فإن قلتَ: إنه لا يصح الرَّهن قبل الحق، وهو ما ذكره المصنف هنا؛ للقياس؛ بيانه: كما أن الشهادة لا تصح قبل ثبوت المشهود لأجله، فكذلك الرهن لا يصح قبل وجوب الحق، والجامع: أن كلًّا منهما تابع للحق فلا يسبقه قلتُ: إن هذا فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأنه لا بدَّ من بيان المشهود عليه للشاهدين قبل أن يُدليا بشهادتهما، بخلاف الرهن فهو يجري بين المتبايعين، وإذا وقع تقديم الرهن في العبارة فقط: فلا بأس، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: تعارض القياسين حيث إنه تنازع الفرع أصلان فنحن ألحقنا الرهن بالضمان؛ لكونه أكثر شبهًا به عندنا، وهم ألحقوه بالشهادة لأنه أكثر شبهًا بها، وهذا يُسمَّى "قياس غلبة الأشباه".
(١١) مسألة: يُشترط في الرهن: أن يكون بدين ثابت كقرض كأن يقول الراهن: "أقرضني عشرة آلاف أعطيك إياها بعد سنة وأرهن داري" وكشيء يؤول إليه =