(ولم يقل: كل منهما بكذا: لم يصح) البيع؛ لأن الثمن يوزَّع على المبيع بالقيمة، والمجهول لا يمكن تقويمه، فلا طريق إلى معرفة ثمن المعلوم، وكذا: لو باعه بمائة، ورطل خمر، وإن قال: كل منهما بكذا: صحّ في المعلوم بثمنه؛ للعلم به (٦٣) (فإن لم
قال:"بعتك إيّاها بألف درهم إلّا دينارًا": فلا يصحّ البيع إن كانت قيمة الدينار والدرهم غير معلومة من قبل الدولة، أما إن كانت معلومة: فيصحّ البيع؛ للتلازم؛ حيث إن قيمة الدينار والدرهم إذا كانت غير معلومة فإن المستثنى ورد من غير جنس المستثنى منه فيلزم من ذلك الجهل بالثمن؛ لأن استثناء المجهول من المعلوم يُحوِّله إلى مجهول؛ لعدم معرفة قيمة المستثنى، وهذا يلزم منه: عدم صحّة البيع؛ لفقدان شرطه، وهذا يُفضي إلى الغرر والتنازع فلذا لم يصحّ، أما إذا عُلمت قيمة الدينار والدرهم من قبل الدولة: فلا جهالة في ذلك؛ لمعرفة الثمن فيصحّ البيع فلو قال:"بعتك هذا الثوب بمائة درهم إلّا دينارًا" وكانت قيمة الدينار الرسمية عشرة دراهم: فتكون قيمة الثوب: تسعين درهمًا وهكذا.
(٦٣) مسألة: إذا باع معلومًا ومجهولًا بثمن واحد، ولا يمكن معرفة ثمن المجهول: فلا يصحّ البيع فمثلًا: لو قال البائع للمشتري: "بعتك هذه الشاة، وما في بطن تلك الشاة الأخرى بمائة ريال" أو قال: "بعتك هذه الشاة، وكذا رطلًا الخمر بمائة ريال": فلا يصح؛ للتلازم: حيث إن الثمن معلوم، والمبيع قد عُلم بعضه، وجهل البعض الآخر: إما لتعذر علمه؛ لكونه حملًا، أو لكونه لا قيمة له في الإسلام كالرطل من الخمر فيلزم عدم صحّة البيع: لفقدان شرطه، وهو: العلم بالمبيع فإن قلتَ: لمَ لا يصح ذلك؟ قلتُ: لأن الثمن يُقسَّم على المبيع بالقيمة، والحمل، والرطل من الخمر لا يمكن تقويمهما؛ للجهالة فيهما، بخلاف ما لو حدَّد لكل قسم ثمنًا مُعيَّنًا بأن قال:"الشاة بثمانين، وما في بطن الأخرى بعشرين" فإن هذا يصح في الشاة فقط؛ لعدم الجهالة في كل.