للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحاكم على بيع ماله لوفاء دينه: صحَّ؛ لأنَّه حمل عليه بحق (١٠)، وإن أُكره على وزن مالٍ فباع مُلكه: كُره الشراء منه وصح (١١) (و) الشرط الثاني (أن يكون العاقد) - وهو: البائع والمشتري - (جائز التصرّف) أي: حرًا مكلَّفًا، رشيدًا (فلا يصحّ تصرّف صبي

السلام: "إنما البيع عن تراضٍ" حيث حصر البيع الصحيح في وقوعه على تراضي المتعاقدين، ثانيهما: قوله: "لا ضرر ولا ضرار في الإسلام" حيث حرّم الضرر في المعاملات؛ لأن النفي هنا نهي، والنهي مطلق فيقتضي التحريم، وهو عام؛ لأن "ضرر وضرار" نكرة في سياق نفي، وهو من صيغ العموم، فيشمل ما نحن فيه؛ لكون البيع بدون تراض بين المتعاقدين فيه ضرر، فرفعه واجب، فاشترط التراضي لذلك وهذا هو المقصد من الحكم.

(١٠) مسألة: إذا أكره الحاكم شخصًا على بيع بعض أملاكه لأجل الوفاء بدين قد حلَّ: فإن هذا البيع يصحّ، للقياس: بيانه: كما أنه لو أكره المرتد على الرجوع إلى الإسلام: فإنه يصحّ إسلامه، فكذلك الحال هنا والجامع: أن كلًّا منهما قد أُكره وحُمل على حق.

(١١) مسألة: إذا باع المضطر ملكه كله أو بعضه بثمن مثله، أو أقل من ذلك كأن يُسجن شخص بسبب عدم الوفاء بدينه، فيضطر لبيع ما يملك لأجل إطلاقه: فإن هذا يصح بيعه، مُطلقًا؛ للمصلحة: حيث إن بيعه فيه مصلحة إطلاقه أكثر من مصلحة تحفّظه على أملاكه، فلا يُوجد ضرر عليه، فإن قلتَ: إنه يصح بيعه مع كراهة الشراء منه - وهو ما ذكره المصنف هنا -؛ للتلازم: حيث إن نفسه متعلِّقة بأملاكه التي باعها اضطرارًا فتلزم الكراهة. قلتُ إن كراهة شراء الآخرين منه يجعلهم يتحرَّجون من الشراء فيتأخَّرون عنه، وهذا يزيد من مشقة حبسه، وقد أشار إلى ذلك ابن تيمية، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض المصلحتين" ومُراعاة مصلحة تخليصه من سجنه وموافقته على إرادته عندنا أرجح من غيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>