الوصيَّة حُمل على الأقلِّ المتيقَّن، بخلافِ ما لو أَوصَى لأحدهما بالنصف؛ فإنَّا لو حملناه على ما يحصل له بالإرث، ألغينا لفظ الوصيَّة بالكلِّية.
وإن أوصى لأحدهما بالنصف، ولأجنبيٍّ بالنصف، فرضي الولدان بذلك، فالأصحُّ الذي أفتى به القفَّال، وقطع به الإمام: أنَّ للأجنبيِّ النصفَ، وللابن النصفَ، فقيل للقفَّال: إنَّ ابن سريج جعل النصف للأجنبيِّ، وللابنِ الموصَى له ربعَ التركة وسدسَها، وللآخَر نصفَ السدس؟
فخرَّجها القفَّال بعد طول الفكر على الوجهين فيما إذا أوصى لأحد الابنين بالثلثين؛ تعليلًا بأنَ الثلث حق للأجنبيِّ لا يقف على إجازتهما، ولا يُزحم فيه، فيبقى لكلِّ واحد منهما ثلثُ التركة، فإذا أوصى لأحدهما بالنصف فقد زاده على ما يستحقُّه بالإرث، فإن قلنا بأنَّ أحد الابنين يستحقُّ الثلثين ويشارك فيما بقي، فالنصفُ هاهنا للأجنبيّ، والنصفُ الآخَرُ للموصَى له؛ لأن كل واحد منهما قد أجاز للأجنبيِّ من حصَّته نصفَ السدس، وإن قلنا: لا يأخذ أكثر من الثلثين، فقد بقي للابن الذي لا وصيَّة له سدسٌ لا حقَّ لأخيه فيه، فإذا أجاز كلُّ واحد للأجنبيِّ بنصف سدسٍ بقي للموصَى له ربعٌ وسدسٌ، ولأخيه نصفُ سدسٍ.
وقطع الإمام بما أفتى به القفَّال، ولم يخرّجه على الخلاف المذكور؛ فإنَّ الإجازة لا تُعتبر إلا من الابن الذي لم يوصَ له، فيكمل نصيب الأجنبيِّ بالسدس المضاف إليه؛ فإنَّه قد رضي لإنفاذ الوصيَّتين مع استغراقهما للمال، فلا يُجعل له نصفُ سدسٍ لا يَطلبه.
ولو أوصي لأحدهما بالنصف، ولأجنبيٍّ بالنصف، ولآخر بالثلث،