- صلى الله عليه وسلم - نِسَاءَهُ وَذَلِكَ قَبْلَ أنْ يُؤْمَرْنَ بِالْحِجَابِ فَقُلْتُ: لأَعْلَمَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقلْتُ: يَا بِنْتَ أَبِى بَكْرٍ أَقَدْ بَلَغَ شَأنُكِ أَنْ تُؤْذِى رَسُولَ الله؟ ! فَقَالَتْ: مَالِى وَلَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ عَلَيْكَ بِعَيْبَتكَ، فَدَخَلتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: يَا حَفْصَةُ: أَقَدْ بَلَغَ مِنْ شَأنِكِ أَنْ تُؤذِى رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ! وَالله لَقَدْ عَلِمْتُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لَا يُحِبُّكِ وَلَوْلَا أَنَا لَطَلَّقَك، فَبَكَتْ أَشَدَّ البُكَاءِ، فَقُلْتُ لَهَا: أَيْنَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَتْ: في المشْرُبَةِ، فَدَخَلْتُ فَإِذَا أَنا بِرَبَاحٍ - غُلامِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَاعِدًا عَلَى أُسْكُفَّةِ الْمُشْرُبَةِ مُدَلِّيًا رِجْلَيْهِ عَلَى نَقِيرٍ مِنْ خَشَبٍ، وَهُوَ جِذْعٌ يَرْقَى عَلَيْهِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَيَنْحَدِرُ، فَنَادَيْتُ: يَا رَبَاحُ اسْتَأذِنْ لِى عَلَى رَسُولِ الله، فَنَظَرَ إِلَى الغُرْفَةِ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَىَّ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَقُلتُ يَا رَبَاحُ: اسْتَأَذِنْ لى عَلَى رَسُولِ الله فَإنِّى أَظُنُّ أنَّ رَسُولَ الله ظَنَّ أَنِّى جِئْتُ مِنْ أجْلِ حَفْصَةَ، وَالله لَئِنْ أَمَرَنِى بِضَرْبِ عُنُقِهَا، فَأَومَأَ إِلىَّ بِيَدِهِ أَنِ ارْقَهْ، فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى حَصِيرٍ فَجَلَسْتُ، فَإِذَا عَلَيْهِ إِزَارٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَإِذَا الْحَصِير قَدْ أثَّرَ فِى جَنْبِه، فَنَظَرْتُ فِى خِزَانَة رَسُولِ الله فَإِذَا أنَا بِقَبْضَةٍ مِنْ الشَّعِيرِ نَحْوَ الصَّاع وَمِثْلُهَا مِنْ قَرَظٍ فِى نَاحِيَةٍ الْغُرْفَةِ، فَإِذَا أفِيقٌ مُعَلَّقٌ فَابْتَدَرَتْ عَيْنَاىَ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ يَا بْنَ الْخَطَّابِ؟ قُلْتُ: يَا نَبِى الله وَمَالِى لَا أَبْكِى؟ وَهَذَا الْحَصِيِرُ قَدْ أَثَّرَ في جَنْبِكَ وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ، فَقَالَ: يَا بْنَ الْخَطَّابِ: أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنا الآخِرَةُ وَلَهُمُ الدُّنْيَا، قُلْتُ: بَلَى؛ وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ حِينَ دخَلْتُ وَأنَا أَرَى في وَجْهِهِ الْغَضَبَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله: يَشُقُّ عَلَيْكَ مِنْ شَأنِ النِّسَاءِ فَإنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهُنَّ فَإنَّ الله مَعَكَ، وَمَلَائِكَتُهُ وَجِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَأَنَا وَأبُو بَكْرٍ وَالمُؤمِنُونَ مَعَكَ، وَقَلَّمَا تَكَلَّمْتُ، وَأَحْمَدُ الله بكَلَامٍ إِلَّا رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ الله يُصَدِّقُ قَوْلِى الَّذِى أَقُولُهُ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} وَكَانَتْ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ تَظَاهَرَانِ عَلَى نِسَاءِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله أَطَلَّقتَهُنَّ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ يَا رَسُولَ الله: إِنِّي دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَالْمُسْلِمُونَ يَنْكُتُونَ بالْحَصَى وَيَقُولُونَ: طَلَّقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute