للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَصَحِّحْهَا مِنْ ثَمَانِيَةٍ)؛ لأِنَّ أصلَ المسألة من اثْنَينِ، والمقَرُّ به يَستحِقُّ رُبعَ ما في يد المنكِر، فاضْرِبْ أربعةً في اثنَينِ بثمانيةٍ، (لِلْمُنْكِرِ ثَلَاثَةٌ)؛ لأِنَّه كان يَستحِقُّ أربعةً، أخَذَ منها المتَّفَقُ عَلَيهِ رُبعَها، بَقِيَ ثلاثةٌ، (وَلِلْمُخْتَلَفِ فِيهِ سَهْمٌ)؛ لأِنَّه يَستحِقُّ رُبعَ ما في يدِ المقِرِّ بِهِما، (وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَخَوَيْنِ سَهْمَانِ)؛ لأِنَّه كان يَستحِقُّ أربعةً، خَرَجَ منها سَهْمٌ للمتَّفقِ عَلَيهِ، وسَهْمٌ للمُخْتَلَفِ فيه، بَقِيَ اثْنانِ للآخَرِ.

وذَكَرَ ابنُ اللَّبَّانِ: أنَّ هذا قِياسُ قَولِ مالِكٍ والشَّافِعيِّ.

وفِيهِ نَظَرٌ؛ لأِنَّ المنكِرَ يُقِرُّ أنَّه لا يَستحِقُّ إلاَّ الثُّلثَ، وقد حَضَرَ مَنْ يدَّعِي الزِّيادةَ، فَوَجَبَ دَفْعُها إليه، ونظيرُه لو ادَّعَى إنسانٌ دارًا في يدِ آخَرَ، فأقرَّ بها لغَيره، فقال المقَرُّ له: إنَّما هِيَ للمُدَّعِي، فإنَّها تُسلَّمُ إليه.

وقد ردَّ الخَبْرِيُّ على ابنِ اللَّبَّانِ قَولَه، وقال: يَبقَى مع المنكِرِ ثلاثةُ أثْمانٍ، وهو لا يَدَّعِي إلاَّ الثُّلثَ، وقد حَضَرَ مَنْ يدَّعِي هذه الزِّيادةَ، ولا مُنازِعَ له فيها، فيَجِبُ دَفْعُها إلَيهِ.

قال: والصَّحيحُ أنْ يَضُمَّ المتَّفَقُ عَلَيهِ السُّدسَ الذي يأخُذُه من المقَرِّ به، فيَضُمُّه إلى النِّصف الذي (١) بِيَدِ المقِرِّ لهما، فيَقْتَسمانه أثْلاثًا، فتَصِحُّ من تسعةٍ، للمنكِر ثلاثةٌ، ولكلِّ واحِدٍ من الآخَرِينَ (٢) سهْمانِ.

قال في «المغْنِي»: ولا يَستَقِيمُ هذا على قَولِ مَنْ لا يُلزِمُ المقِرَّ أكثرَ من الفَضْل عن مِيراثِه؛ لأِنَّ المقِرَّ بهما والمتَّفَقَ عَلَيهِ لا يَنقُصُ مِيراثُه عن الرُّبُع (٣)، ولم يَحصُلْ له على هذا القَولِ إلاَّ التُّسُعانِ.

وقِيلَ: في حالِ الإنكار يَدفَعُ المقِرُّ بهما إلَيهِما نصفَ ما في يده، ويأخُذُ


(١) زيد في (ق): هو.
(٢) في (ق): الأخوين.
(٣) في (ظ): الرابع.