للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: يجوز من (١) الوليِّ، أبًا كان أو غيرَه، قدَّمه في «الشَّرح».

مسألةٌ: يَجُوز للحاكِمِ أنْ يَسْتَنِيبَ مِنْ غَيرِ مذهَبِه، ذَكَرَه القاضي في الأحكام السُّلْطانيَّة، وابنُ حَمْدانَ في «الرِّعاية».

وفي «الفروع»: إذا اسْتَنابَ حاكِمٌ مِنْ غَير أهل مذهبه: إن كان لكَونه أرْجَحَ؛ فقد أحْسَن، وإلاَّ لم تَصِحَّ الاِسْتِنابَةُ، إذا لم يُمْنَعْ إن كان (٢) له الحُكْمُ (٣)، وهو مبنِيٌّ على تقليد غَير إمامه، وإلاَّ انْبَنَى: هل يَسْتَنِيبُ فيما لا يَمْلِكُه؛ كتوكيلِ مسلِمٍ ذِمِّيًّا في شراء خَمرٍ، وأنَّه نائبُ المسْتَنِيبِ، أو الأوَّل؟

(وَيَجُوزُ تَوْكِيلُهُ فِيمَا لَا يَتَوَلَّى مِثْلَهُ بِنَفْسِهِ)؛ أيْ: إذا كان العَمَلُ مِمَّا يَرْتَفِعُ الوكيلُ عن مِثْله؛ كالأعمال الدَّنِيئةِ في حقِّ أشراف النَّاس المرْتَفِعِينَ عن فِعْله (٤) عادةً، فإنَّ الإذْنَ يَنصرِفُ إلى ما جَرَتْ به العادَةُ، (أَوْ) كان يَعْمَلُه بنفسه، لكِنَّه (يَعْجِزُ عَنْهُ لِكَثْرَتِهِ)؛ لأِنَّ الوَكالةَ اقْتَضَتْ جَوازَ التَّوكيل؛ فجاز في جميعه، كما لو أَذِنَ فيه لَفْظًا.

وقال القاضِي: عندي أنَّه يُوكِّل فيما زاد على ما يَتَمَكَّنُ مِنْ فِعْله؛ لأِنَّ التَّوكيل إنَّما جاز للحاجة، فاخْتَصَّ بها، بخلاف وجود إذْنه، فإنَّه مُطْلَقٌ.

ولا يُوكِّلُ إلاَّ أمِينًا، إلاَّ أنْ يُعَيِّنَ له سواه، فإنَّه يَجُوز مُطلَقًا؛ لأِنَّه قَطَعَ نَظَرَه بتعْيِينِه.

وعلى الأوَّل: لو وكَّل أمِينًا فصار خائِنًا؛ فله عَزْلُه؛ لأِنَّ تَمْكِينَه من التَّصرُّف مع الخيانة تفريطٌ.


(١) في (ق): في.
(٢) في (ح): جاز.
(٣) كذا في النسخ الخطية، والذي في الفروع ٧/ ٤٦: (وإن استناب حاكمًا من غير أهل مذهبه: إن كان لكونه أرجح فقد أحسن، وإلا لم تصح الاستنابة، ذكره شيخنا . ويتوجه: أنه تجوز الاستنابة إذا لم يمنع إن جاز له الحكم).
(٤) في (ق): مثله.