للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الموكِّل في دَرْئِها بالشُّبُهات.

(وَيَجُوزُ الاِسْتِيفَاءُ فِي حَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ وَغَيْبَتِهِ)، نَصَّ عليه (١)؛ لعُموم الأدلَّة، ولأِنَّ ما جاز اسْتِيفاؤه في حضرة الموكِّل؛ جاز في غَيبته؛ كسائر الحقوق.

(إِلاَّ الْقِصَاصَ، وَحَدَّ الْقَذْفِ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا؛ لَا يَجُوزُ فِي غَيْبَتِهِ)، وقد أَوْمَأَ إليه أحمدُ (٢)؛ لأِنَّه يَحتَمل أنْ يَعْفُوَ عنه حال غَيبته فيَسقُط، وهذه شُبهةٌ تَمنَعُ الاِسْتِيفاءَ؛ لأِنَّ العَفْوَ مندوبٌ إليه، فإذا حضر الموكِّل (٣) احْتَمل أن يَرحمَه فيَعْفُو.

والمذهَبُ: له الاِسْتِيفاءُ في الغَيبة مُطْلَقًا، أمَّا الزِّنى وشبهه؛ فظاهِرٌ؛ لأِنَّه لا يَحتَمِل العَفْوَ حتَّى يُدْرَأ بالشُّبْهة، واحْتِمال العَفْو في غيره بعيدٌ؛ لأِنَّ الظَّاهِرَ: أنَّه لو عفا لَأعْلَم وكيلَه به، والأصلُ عَدَمُه، فلا يؤثِّر، ألا ترى أنَّ قضاة رسول الله كانوا يَحْكُمون في البلاد، ويقيمون الحدودَ التي تُدْرَأُ بالشُّبُهات مع احْتِمال النَّسخ.

(وَلَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ فِيمَا يَتَوَلَّى مِثْلَهُ بِنَفْسِهِ، إِلاَّ بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ)، نَقَلَه ابنُ منصورٍ (٤)؛ لأِنَّه لم يَأْذَنْ له في التَّوكِيل، ولا تضمنه (٥) إذْنُه؛ لكونه يتولَّى مِثْلَه، ولأِنَّه استئمان (٦) فيما يُمْكِنُه النُّهوضُ فيه، فلم يَكُنْ له أنْ يُوَلِّيَه من لا يَأْمَنُه عليه؛ كالوديعة.


(١) ينظر: مسائل ابن منصور ٨/ ٤٣٧٢، الروايتين والوجهين ٢/ ٢٦٠.
(٢) ينظر: الروايتين والوجهين ٢/ ٢٦١.
(٣) قوله: (الموكل) سقط من (ح) و (ق).
(٤) ينظر: مسائل ابن منصور ٨/ ٤٣٠١، الروايتين والوجهين ١/ ٣٩٧.
(٥) في (ح): ولا يضمنه.
(٦) في (ح): استئمار.