للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَتَجِبُ الْهِجْرَةُ عَلَى مَنْ يَعْجِزُ عَنْ إِظْهَارِ دِينِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ)، وهي ما يَغلِب فيها حكمُ الكفر؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ … ﴾ الآياتِ [النِّسَاء: ٩٧]، ولقوله : «أَنا بَريءٌ من مسلِمٍ بين مشركين لا تراءى ناراهما» رواه أبو داودَ والتِّرمذيُّ (١)، ومعناهُ: لا يكون بمَوضِعٍ يَرَى نارَهم ويَرَوْن نارَه إذا أُوقِدَتْ، ولأنَّ القيامَ بأمر الدِّين واجِبٌ على القادر، والهجرةُ من ضرورة الواجب وتَتِمَّته، وما لا يَتِمُّ الواجِبُ إلاَّ به واجِبٌ.

وشرطُه: أن يُطيق ذلك، صرَّح به في «المغني» و «الفروع»؛ لقوله تعالى: ﴿إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ … ﴾ الآيةَ [النِّسَاء: ٩٨].

وألْحَق بعضُهم بدار الحرب: دار البُغاةَ أو البدعة (٢)؛ كرَفْضٍ واعتزالٍ.

ولا فرق بين الرجال والنِّساء، ولو في العدَّة، بلا راحلةٍ ولا مَحرَمٍ.

وفي «عيون المسائل»: إنْ أمِنَت على نفسها من الفتنة في دينها لم تُهاجِر إلاَّ بمحرَمٍ؛ كالحجِّ، ومعناه في «منتهى الغاية» وزاد: إن أمْكَنَها إظهارُ دينها.

وفي كلام المؤلِّف إشعارٌ ببقاء (٣) حكم الهجرة، وهو قولُ الجماهير، إذْ


(١) أخرجه أبو داود (٢٦٥٤)، والتِّرمذي (١٦٠٤)، والبيهقيُّ (١٦٥٧١)، من طرقٍ عن أبي معاوية، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله موصولاً.
وأخرجه الترمذي (١٦٠٥)، عن عبدة بن سليمان، وأخرجه سعيد بن منصور (٢٦٦٣)، عن معتمر بن سليمان، كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم مرسلاً. ورجَّح البخاري وأبو حاتم وأبو داود والترمذي والدارقطني إرساله، قال أبو داود: «رواه هشيم ومعمر وخالد الواسطي وجماعةٌ؛ لم يذكروا جريرًا». ينظر: العلل لابن أبي حاتم ٣/ ٣٧٠، العلل للدارقطني ١٣/ ٤٦٤، المحرر (٧٧٩)، البدر المنير ٩/ ١٦٢، التلخيص الحبير ٤/ ٢١٨.
(٢) في (ب): والبدعة.
(٣) في (ح): يبقي.