للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّحر، فوطؤه قبل طوافه لا يفسد عمرته؛ لقول عائشة: «وأمَّا الذين جمعوا الحجَّ والعمرة؛ فإنَّما طافوا طوافًا واحدًا» متَّفقٌ عليه (١)، وعن ابن عمر نحوه، رواه أحمد (٢)، وكعمرة المتمتع (٣).

وعنه: على القارِن طوافان وسعيان، رواه سعيد والأثرم عن عليٍّ (٤)، وفي صحَّته نظَرٌ، مع أنَّه لا يرى إدخال العمرة على الحجِّ، فعليها: يقدِّم القارِنُ


(١) أخرجه البخاري (١٥٥٦)، ومسلم (١٢١١).
(٢) أخرجه أحمد (٥٣٥٠)، والترمذي (٩٤٨)، وابن ماجه (٢٩٧٥)، وابن خزيمة (٢٧٤٥)، والطحاوي في معاني الآثار (٣٩١٠)، وابن حبان (٣٩١٦)، من طريق الدراوردي، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله : «من قرن بين حجه وعمرته؛ أجزأه لهما طواف واحد»، وعبد العزيز الدراوردي صدوق، كان يحدث من كتب غيره فيخطئ، وحديثه عن عبيد الله منكر، وهذه منها، قال الترمذي: (حسن غريب، تفرد به الدراوردي على ذلك اللفظ، وقد رواه غير واحد عن عبيد الله بن عمر ولم يرفعوه وهو أصح)، وأعله بالوقف أيضًا الطحاوي، وأن الدراوردي أخطأ فيه، وصحح رفعه ابن خزيمة وابن حبان، وقال ابن حجر: (وهو تعليل مردود، فالدراوردي صدوق وليس ما رواه مخالفًا لما رواه غيره، فلا مانع من أن يكون الحديث عند نافع على الوجهين)، وقوَاه ابن عبد البر بما في صحيح مسلم (١٢٣٠)، عن ابن عمر أنه لما خرج إلى مكة معتمرًا مخافة حصر قال: «ما شأنهما إلا واحد، أشهدكم أني قد أوجبت إلى عمرتي حجة»، ثم تقدم فطاف لهما طوافًا واحدًا، وقال: «هكذا فعل رسول الله ». ينظر: التمهيد ٨/ ٢٣١، فتح الباري ٣/ ٤٩٤.
(٣) في (د) و (و): التمتع.
(٤) أخرجه أبو يوسف في الآثار (٤٨٢)، ومحمد بن الحسن في الحجة على أهل المدينة (٢/ ٣)، وابن أبي شيبة (١٥١٢٩)، وأبو عبيد في الناسخ والمنسوخ (٣١٧)، والعقيلي في الضعفاء (٢/ ٣٤٩)، والطحاوي في معاني الآثار (٣٩٣٤)، والدارقطني (٢٦٣٤)، والبيهقي في الكبرى (٩٤٢٧)، عن أبي نصر السلمي، أن عليًّا قال له: «لبِّ بهما جميعًا، فإذا قدمت مكة فطف لهما طوافًا لعمرتك، وطوافًا لحجتك، ولا تحلن منك حرامًا دون يوم النحر»، في بعض طرقه: «ثم تطوف لهما طوافين وتسعى لهما سعيين»، قال منصور في بعضه طرقه: فذكرت ذلك لمجاهد، قال: ما كنا نفتي إلا بطواف واحد، فأما الآن فلا نفعل.
وأبو نصر السلمي، قال فيه ابن حبان في المجروحين ٢/ ٥٩: (مجهول لا يُدرى من هو)، وقال ابن المنذر: (رجل مجهول)، وقال البيهقي عنه: (غير معروف)، ولذا ضعفه الشافعي وابن المنذر فيما نقله البيهقي في المعرفة ٧/ ٢٧٧، والبخاري في تاريخه ٥/ ٣٥٨، وابن حبان في المجروحين ٢/ ٥٩، وقال البيهقي في المعرفة عن ذكر السعيين: (ويشبه أن يكون ذكر السعي فيه غير محفوظ)، ذلك أن أغلب الرواة لم يذكروه.
وتابع أبا نصر عبدُ الرحمن بن أُذينة: أخرجه الطحاوي في معاني الآثار (٣٩٣٧)، والنسائي في جزء فيه مجلسان (٢٣)، وابن المقرئ في معجمه (٥١٥)، وابن عبد البر في التمهيد (١٥/ ٢٢٦)، عن عبد الرحمن بن أذينة، عن علي قال: «إذا جمع الحج والعمرة طاف لهما طوافين»، وهذا إسناد جيد كما قال ابن التركماني في الجوهر النقي ٥/ ١٠٨، وجزم الطحاوي بأن أبا نصر هو عبد الرحمن بن أُذينة، إلا أن الأئمة كالبخاري وابن حبان وغيرهما فرقوا بينهما.
وأخرج ابن أبي شيبة (١٤٣١٣)، والبخاري في التاريخ الكبير (٣/ ٣٧٢)، والعقيلي في الضعفاء (٢/ ٧٧)، والطحاوي في معاني الآثار (٣٩٤١)، عن زياد بن مالك، أن عليًّا وابن مسعود قالا في القارن: «يطوف طوافين»، وفي بعض ألفاظه: «ويسعى سعيين»، وزياد سكت عنه البخاري وابن أبي حاتم، وقال البخاري: (ولا يُعرف لزياد سماع من عليٍّ وعبد الله، ولا للحكم منه)، فالأثر ورد من وجوه متعددة، يشبه أن يكون ثابتًا، وقد احتج به أحمد في رواية الأثرم كما في تعليقة القاضي ٢/ ٢١٤، واحتج به منصور ومجاهد كما تقدم، على أن النووي في المجموع ٨/ ٦٢ قال: (ضعيف باتفاق الحفاظ).