للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحجار؛ لأنَّه نصَّ عليها، وعلَّق الإجزاء بها.

والأوَّل أولى؛ لأنَّ المراد بالأحجار كلُّ مُستحْجِر، فيدخل فيه جميع الجامدات، ولقول سلمان: «أمرنا إلَّا نكتفي بدون ثلاثة أحجار، ليس فيها رجيع ولا عظم» (١)، فلولا أنَّه يعمُّ الجميع؛ لم يكن لاستثناء الرَّجيع والعظم معنًى، وإنَّما خصَّ الحجر بالذِّكر؛ لأنَّه أعمُّ الجامدات وجودًا، وأسهلها (٢) تناولًا.

لا يقال: المراد بالرَّجيع الحجر الذي استجمر به مرة؛ لأنَّه في اللغة اسم الرَّوث، سمِّي بذلك لأنَّ الحيوان رجعَه بعد أن أكله، يؤيِّده ما رواه أحمد من حديث رُوَيْفِع بن ثابت مرفوعًا: «من استجمر برجيع دابَّة فإنَّ محمَّدًا بريء منه» (٣).

(إلَّا الرَّوْثَ، وَالْعِظَامَ، وَالطَّعَامَ، وَمَا لَهُ حُرْمَةٌ، وَمَا يَتَّصِلُ بِحَيَوَانٍ)؛ لما روى ابن مسعود: أنَّ النَّبيَّ قال: «لا تستنجوا بالرَّوث ولا بالعظام؛ فإنَّه زاد إخوانكم من الجنِّ» رواه مسلم (٤)، وفي رواية: أنَّ النَّبيَّ نهى أن يُستنجى بروث أو عظم، وقال: «إنَّهما لا يطهران» رواه الدَّارقطني، وقال: (إسناد صحيح) (٥)، وإذا ثبت ذلك في طعام الجن، ففي طعام الآدمي أولى.


(١) رواه مسلم (٢٦٢).
(٢) في (ب) و (و): وأشملها.
(٣) أخرجه أحمد (١٦٩٩٥)، وأبو داود (٣٦)، والبزار (٢٣١٧)، وحسن إسناده، وقال النووي: (إسناده جيد)، وصححه الألباني. ينظر: المجموع (٢/ ١١٦)، تخريج سنن أبي داود للألباني (٢٧).
(٤) أخرجه مسلم (٤٥٠) في حديث طويل بنحو لفظ المصنف، وأخرجه الترمذي (١٨)، والنسائي في الكبرى (٣٩)، بلفظ المصنف.
(٥) أخرجه البخاري (١٥٥ و ٣٨٦٠)، من حديث أبي هريرة بلفظ: اتبعت النبي ، وخرج لحاجته، فكان لا يلتفت، فدنوت منه، فقال: «ابغني أحجارًا أستنفض بها - أو نحوه - ولا تأتني بعظم، ولا روث»، وفي الموضع الثاني ذكر سبب النهي وأنها من طعام الجن، وأخرجه الدارقطني (١٥٢)، بلفظ المصنف، وصحح إسناده.