للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مطردة (١)!

فكيف ينتفع الناس بعد كل هذه البدع التي عطلت سبيل الفهم بما في أيديهم من كتاب الله، وما يتلون من حديث نبي الله تبركا؟! إنها والله السنن كما أخبر النبي في حديث لبيد بن زياد عن ضلال اليهود والنصارى على ما في أيديهم من كتاب الله، وفي لفظ للترمذي [٢٦٥٣] قال له: هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى فماذا تغني عنهم؟! اه

فصار الذي ورث الكتاب من بعدهم يرى الشيء ونقيضه، يقول إن النبي بيَّن كل شيء وأن الدين محجة بيضاء للنصوص التي يقرؤها، ثم يدخل بالتأويل في الدين كله! ويقول بالبدعة الحسنة! والفراغ التشريعي!

ويُسَلم أن النبي أوتي جوامع الكلم للأحاديث البينة، ثم يزعم أن قواعد الملة إنما حررها وأتقنها المتأخرون!

ويقول إن البدعة لا تجري في العادات لأنها للعبادة خاصة، ثم يقول بكفر من حكّم القوانين الوضعية لأن من أطاعهم فيها عبدهم دون الله!

ويسلم بقلبه أن القرآن كما وصفه الله محكم والسنة هدى ونور وشفاء وفرقان وبرهان، ثم يرى أن أكثر الأدلة ظني الثبوت ظني الدلالة!

ويقول أن الصحابة أفضل الأمة علما وعملا للأدلة التي يقرؤها، ثم لا يرى آثارهم كافية! ويرى أن الآخر فالآخر أعلم! وأن العلم لم يزل منذ الصحابة في تطور


(١) - لكن متى عادت الأمة بعلمها وعملها إلى الأمر الأول تهيأت لرجوع الخلافة على منهاج النبوة كما دل حديث حذيفة، ولا يتم إلا بجمع آثار الصحابة وضمها إلى أحاديث النبي ، ونخل الدين بميزانهم من البدع، والله المستعان على ذلك لا قوة إلا به. ومتى لم تقم الخلافة الراشدة في علمها وعملها لم تُقَم لها في أرضها. وقد بلغني أن ناسا من أهل العلم شمروا في جمع الآثار سددهم الله وبارك في سعيهم، وهذه عاجل البشرى.

<<  <   >  >>