للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاختلاف! ولو سكت مَنْ لا يدري لقل الخلاف!

وروى الخطيب [الفقيه والمتفقه ١١٠٨] من حديث أحمد بن حنبل نا محمد بن إدريس الشافعي نا مالك بن أنس قال: سمعت ابن عجلان يقول: إذا أخطأ العالم لا أدري أصيبت مقاتله اه

ولما حدثت بدعة "المنطق" و"الكلام" تسللت إلى بعض أهل الإسلام باسم البدعة الحسنة، والفتنة إذا شبت أشكلت، حتى لُقبت "علما" وتنكر ناس للعلم لما فرحوا بها! حتى زعموا أنه لا يوثق بعلم من لم يحط بها خُبرا! وقد كان العلماء قبل يحذَرونها على علم بسمومها، ويحذرون منها أصحابهم ويدعونها جهلا. قال ابن عبد البر [الجامع ٢/ ١٩٤]: أجمع أهل الفقه والآثار من جميع الأمصار أن أهل الكلام أهل بدع وزيغ، ولا يعدون عند الجميع في جميع الأمصار في طبقات العلماء، وإنما العلماء أهل الأثر والتفقه فيه، ويتفاضلون فيه بالإتقان والميز والفهم (١) اه

فلم يزل الأمر إلى سفل حتى التُمس العلم عند الأصاغر، فانقلب العلم جهلا والجهل علما (٢)، ورأوا أن المتأخر أتقن لفنون العلم من الأول!! وقد مضى بعض ما فيها.


(١) - ثم قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن قال حدثنا إبراهيم بن بكر قال سمعت أبا عبد الله محمد بن أحمد بن إسحاق بن خويزمنداد المصري المالكي قال: في كتاب الإجارات من كتابه في الخلاف، قال مالك: لا تجوز الإجارات في شيء من كتب الأهواء، والبدع والتنجيم وذكر كتبا ثم قال: كتب أهل الأهواء والبدع عند أصحابنا هي كتب أصحاب الكلام من المعتزلة وغيرهم، وتفسخ الإجارة في ذلك. قال: وكذلك كتب القضاء بالنجوم، وعزائم الجن وما أشبه ذلك. وقال في كتاب الشهادات في تأويل قول مالك: لا تجوز شهادة أهل البدع وأهل الأهواء: قال: أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام، فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع، أشعريا كان أو غير أشعري، ولا تقبل له شهادة في الإسلام أبدا، ويهجر ويؤدب على بدعته، فإن تمادى عليها استتيب منها اه ثم أكثر الناس يأخذون أصول فقه دينهم عن الجويني وشيعته! عفا الله عنهم جميعا. راجع كلام ابن تيمية في أبي المعالي في إبطال التحليل [٢/ ١٦٦].
(٢) - روى الخطيب [الفقيه والمتفقه ٤٨٩] بسنده عن مجالد بن سعيد قال نا الشعبي يوما قال: يوشك أن يصير الجهل علما ويصير العلم جهلا! قالوا: وكيف يكون هذا يا أبا عمرو؟ قال: كنا نتبع الآثار وما جاء عن الصحابة، فأخذ الناس في غير ذلك: القياس اه

<<  <   >  >>