للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كقوله للمسلمين: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض اه [خ ١٢١/ م ٢٣٢]. فهذا الإطلاق له فائدته، لا تتم لمن جعل يفصله في مقام العِظَة (١). فمن فعل خالف السنة، وما خَلَّفه خير مما حصله كما قال النبي في حديث أبي فراس.

وكثير من أقضية النوازل (المصالح المرسلة) سببها تفريط الناس في دينهم كما قيل: تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور، مثل تضمين الصناع وإيقاع اللفظ بطلاق الثلاث، فإن تلك الأقضية ليست سنة دائمة وعزيمة مطردة، ولكنها من جنس الرخص العارضة والتصرف الموقوت للحاجة .. إذا لم تنزل منزلتها كانت بدعة، ولا ينبغي إجراؤها في كل قرن مع كل نفس كالعزائم المحكمة إذ ليست مقصودة لذاتها (٢).


(١) - كما فعل ابن عباس في قول الله تعالى (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم) الآية [النساء ٩٣] إذ سأله أهل الكوفة الذين استخفوا بالدم، فعن سعيد بن جبير قال: اختلف أهل الكوفة في هذه الآية (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم) فرحلت إلى ابن عباس فسألته عنها فقال: لقد أنزلت آخر ما أنزل ثم ما نسخها شيء اه [خ ٤٥٩٠/ م ٧٧٢٦] فأخبر أنها محكمة، وأطلق الوعيد، دون تفصيل للحالات والأعيان. لأن المقام ليس مقام حكم. ولم يكفر الذين اقتتلوا في الجمل وصفين .. وليس يخالف هذا ما علم من بيان النبي، لأن القصد بيان ما ينفع لا بيان كل ما يُسأل عنه وإن كان فيه ضرر على السائل.
(٢) - وتأمل ما أفتى به الشيخ الألباني في الأذان الثاني يوم الجمعة عند تيسير مكبر الصوت، وقبله الشيخ ابن تيمية في الطلاق بلفظ الثلاث .. جميعا.

<<  <   >  >>