للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروى أبو داود [٤٧٣٠] عن سليم بن جبير مولى أبي هريرة قال سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) إلى قوله تعالى (سميعا بصيرا) قال: رأيت رسول الله يضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه، قال أبو هريرة: رأيت رسول الله يقرؤها ويضع إصبعيه اه [صحيح] وقال عبد الله بن عمر: ذكر الدجال عند النبي صلى الله عليه و سلم فقال: إن الله لا يخفى عليكم إن الله ليس بأعور وأشار بيده إلى عينه وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية اه [خ ٦٩٧٢] ونظائره كثر. فهذا بيان نبوي بمنهاج عربي لمعاني صفات الرب تعالى (١).

فلما أحدث الخوض في صفات الله، ممن جهل طريقة النبي في دلالة الخلق على الله، حتى زعموا أنه كان يفوض المعاني!! ترخص بعض أهل العلم بأخرة ليبينوا للناس منهاج الإثبات فجمع أحدهم ما انتهى إليه من الروايات الصحيحة في أبواب أوهمت من جاء بعد من الأصاغر بالتجسيم، وأشكلت على الغافلين، وأورثت نقصا في تعظيم رب العالمين، على غير قصد العلماء المصنفين، وقاتل الله الحرورية كانوا أول من شغب فيها.

والحكمة كلها في طريقة القرآن والسنة تفريق دلائل الصفات على حسب السياق عند ذكر الأمر أو النهي أو الوعد أو الوعيد لا جمعه .. (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)؟

ولما أحدث الناس ما سموه " الوحدة الموضوعية " في الخطب والكتب،


(١) - لذلك كان الصحابة يروون أحاديث الصفات باختلاف الألفاظ لعلمهم بالمعاني التي بها عرفوا ربهم سبحانه، فالرواية بالمعنى من أقرب الأدلة على الإثبات. وإمرارها كما جاءت هو العمل كما روى معمر [الجامع ٢٠٨٩٣] بسنده حديث أبي هريرة " .. فأما النار فإنهم يلقون فيها وتقول هل من مزيد فلا تمتليء حتى يضع رجله أو قال قدمه فيها فتقول: قط قط قط فهنالك تملأ وتنزوي بعضها إلى بعض" الحديث وهو في الصحيحين [خ ٤٥٦٩/ م ٧٣٥٤]. ثم قال معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال: سمعت رجلا يحدث ابن عباس بحديث أبي هريرة هذا فقام رجل فانتفض! فقال: ابن عباس ما فرق من هؤلاء؟ يجدون عند محكمه ويهلكون عند متشابهه اه ورواه ابن جرير في التفسير [٦٦٢٢] حدثني يونس قال أخبرنا سفيان عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس وذُكر عنده الخوارجُ وما يَلقونَ عند القرآن، فقال: يؤمنون بمحكمه، ويهلكون عند متشابهه! وقرأ ابن عباس (وما يعلم تأويله إلا الله) الآية اه [صحيح]

<<  <   >  >>