للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم رأوا أنهم أعلم من أصحاب رسول الله لما لم يروا أنهم على علم وقفوا! قال البخاري [رفع اليدين ٣٨] قال معمر: أهل العلم كان الأول فالأول أعلم، وهؤلاء الآخر فالآخر عندهم أعلم! اه وقالوا: اجتمع لهم من العلم ما لم يكن مجموعا عند الأولين!!

و يا ليت شعري على ألسنة من بلغهم العلم (١)؟!

ولما ترجمت أسفار اليونان - باسم البدعة الحسنة - طم الوادي على القرى، ودخلت الفلسفة و"المنطق" في الدين كله، في الشريعة والمنهاج، ودخل "التأويل" التوحيد والأحكام، فعسر الدين وذهب من النفوس اليقين ورأى الناس أن أغلب الأدلة الشرعية ظنية لا تفيد القطع! وهم يقرؤون في الكتاب أنه شفاء لما في الصدور وفرقان وهدى ونور وتبيان لكل شيء (٢) ..

وخذ للعبرة مثلا في أصول الفقه:

قَسَّم الذين قرؤوا الوحي بطريقة اليونان الأدلة المحكمة إلى ظاهر ونص. وقالوا: الظاهر ما احتمل معنى ثانيا غير المتبادر، فاستصحبوا الاحتمال وقالوا في الدليل المعين: الظاهر منه كذا ويحتمل غيره! فأورثهم ضعف اليقين، وظنوا أن كلام الله ورسوله لا يوجب العلم فقالوا: أغلب الأدلة ظني الدلالة!! لإمكان الاحتمال


(١) - روى ابن حزم [الإحكام ٦/ ٨٣٩] من طريق جعفر بن محمد الفريابي حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثني الهيثم بن جميل قلت لمالك بن أنس: يا أبا عبد الله، إن عندنا قوما وضعوا كتبا يقول أحدهم: حدثنا فلان عن فلان عن عمر بن الخطاب بكذا، وحدثنا فلان عن إبراهيم بكذا، ونأخذ بقول إبراهيم. قال مالك: صح عندهم قول عمر؟ قلت: إنما هي رواية كما صح عندهم قول إبراهيم. فقال مالك: هؤلاء يستتابون اه [صحيح]
(٢) - حكى ابن القيم [إعلام الموقعين ٤/ ٢٥٤] في ذم التأويل المنافي للبيان النبوي عن ابن رشد قوله: وأول من غيَّر هذا الدواء الأعظم هم الخوارج ثم المعتزلة بعدهم ثم الأشعرية ثم الصوفية ثم جاء أبو حامد فطم الوادي على القرى اه

<<  <   >  >>