للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أوْ دُرّةٍ صَدَفِيّةٍ غوّاصُها … بَهِجٌ متى يرها يهلُّ ويسجدِ

وقال عنترة بن شداد:

رَغَّمتُ أنفَ الحاسِدينَ بسَطْوتي … فغدوا لها منْ راكعين وسجَّدِ

كذلك كانوا يصومون، ففي الصحيح عن عائشة أن قريشا كانت تصوم يوم عاشوراء في الجاهلية ثم أمر رسول الله بصيامه. الحديث [خ ١٧٩٤].

وكانوا يطعمون الطعام زكاة للنفس من مذمة البخل ومحمدة في الخلق، قال لبيد بن ربيعة:

أقي العِرْضَ بالمَالِ التِّلادِ وأشْتَري … بهِ الحَمدَ إنَّ الطّالبَ الحمدَ مُشترِي

وفي شعر حاتم الطائي من هذا كثير. وحكى الخليل في العين قول الشاعر:

والمالُ يَزْكو بك مُسْتَكْبِراً … يَخْتالُ قد أَشْرَفَ للنّاظر

فذكر أن المال يزكو، لكن لا يعرفون أن الصدقة تنمي المال لذلك أكد النبي الخبر بالقَسَم قال: ثلاثة أقسم عليهن - وذكر منها - ما نقص مال عبد من صدقة. الحديث [ت ٢٣٢٥].

فكانوا في ذلك على بدع وضلال عن هدي أبيهم إبراهيم نبي الله ليسوا يعرفون الإخلاص والبعث والحساب. كذلك بقي الاستعمال في السُنة فالصلاة في الشرع دعاء، والزكاة في الشرع نماء، والحج في الشرع قصد .. كله استعمال عربي، لم يتغير إلا البدع المحدثة. فالنبي جاء محاربا للبدع كذلك ورثته. فدعك مما يقول الأصوليون أن اللفظ يحتمل حقيقة لغوية وشرعية جديدة، وأنه ظاهر في الشرعية على احتمال للغوية إن وجدت قرينة، بل هو لسان عربي واحد، وكل ذلك يعلم المراد منه في السياق، لا يحتمل عند من عاين الخطاب.

والمقصود أن استحسان البدع سنة جاهلية، ولا يعدو ذلك اللفظ "بدعة حسنة" أن يكون من حروف العرب المنكرة كاستحسان الخمر والأوثان. وكلِّ منكر وضعوا له لفظا يستحسنونه به والله أعلم.

- الثلاثون: أن المخالف يزعم أن المستحسنات مستثناة من العمومات الناهية،

<<  <   >  >>