للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حاجة جديدة كمعرفة اللسان والتخلص من أوضار العجمة، وسؤال أهل العلم، ثم حدث شرط الإجماع المتقدم ألا يحدثوا قولا جديدا .. فازدادت مع الزمن شرائط معرفة السنة ..

ثم ترى كثيرا من الخلق يعترض بسؤال غير وارد: يقولون: هل فهمهم معصوم؟! وإنما السؤال اللازم: هل بين لهم الذي جاء بالبلاغ المبين وزكاهم؟

فإنا نشهد لله أن نبيه قد بلغ وشفى، وترك أصحابه على البيضاء ليلها كنهارها، وأنهم تلقوا عنه وفهَّمهم الله ورسوله، وتعلموا الحكمة، وكانوا أحق بها وأهلها .. ثم علَّموا من كان بعدهم كيف يؤخذ الدين بعد نبيهم، كيف الرواية عنه، كيف يُقضى في النوازل، كيف يكون الرد إلى الله والرسول، كيف تضبط البدعة التي لا تكون إلا بعد موته ..

وأيضا أُمر الناس أن يسألوا أهل العلم، وقد تواترت الأخبار بالشهادة لفقهاء الصحابة كالخلفاء الراشدين بالعلم والفقه في الدين .. ولما جاء التابعون كان العلم يلتمس عند العلماء الراسخين وهم الصحابة (١)، ولم يختلف الأمر بعد موتهم وإن تطاول الزمان، ونسي ناس حظا مما ذُكروا به .. والأقوال لا تموت بموت قائليها .. وإن من الكبر والاغترار أن يقال لأهل العلم أنتم رجال - في فهم الحديث - ونحن رجال!

والأصل أن ليس يوثق في علم أحد إلا بحجة لأن الله تعالى قال (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا) [النحل ٧٨] الآية، فدل على أن الأصل في الناس الجهل، ولا يوصف أحد بالعلم إلا بدليل من الله ورسوله ، وإنما جاء البيان في أعيان علماء الصحابة، فمن شهدوا له بالعلم وإلا فهو على أصله الجهل .. كما قال تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) [البقرة ١٤٣] وقال (هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا


(١) - قال ابن سعد [٦٤٠٠] أخبرنا عفان بن مسلم وهشام أبو الوليد الطيالسي قالا أخبرنا شعبة عن أبي إسحاق سمع مسروقا يقول: أتيت المدينة فسألت عن أصحاب محمد فإذا زيد بن ثابت من الراسخين في العلم اه صحيح.

<<  <   >  >>