اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) [التوبة ١٢٠]. كحديث العرباض سواء بسواء ..
وقال سبحانه (وآخرين منهم لما يلحقوا بهم)[الجمعة ٣] منهم من جنسهم في مطلق القول والعمل، وهو إن شاء الله هديهم الذي ذكره قبل (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة)[الجمعة ٢] فبين أمر النبي ﷺ وما كان منه مع أصحابه أنه يعلمهم معاني الكتاب، إذ فرّق بين تلاوة آياته وتعليم الكتاب، ويزكيهم أي يربيهم كما قال أبو عبد الرحمن السلمي: إنا أخذنا هذا القرآن عن قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوهن إلى العشر الأخر حتى يعلموا ما فيهن، فكنا نتعلم القرآن والعمل به اه فعلمهم الكتاب والحكمة وهي السنة التي تحكم دلالات القرآن عملا، وتبين مراد الله تعالى. فالذين منهم الذين اتبعوهم في ذلك. وفي قوله (لما يلحقوا بهم) بشرى لمن اتبعهم أنه سيلحق بهم. فمن كان معهم فقد أصاب السنة الحكمة. جعلنا الله منهم في الدنيا والآخرة.
ومنه ما روى مسلم في الصحيح [١٨٨] عن ابن مسعود يرفعه إلى النبي ﷺ قال: ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب، يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره. الحديث. فهذا صريح في أن الصحابة يأخذون بكل سنته ﷺ، ويقتدون بكل أمره ﵃، لأن قوله " بسنته""بأمره " مضاف، والمضاف من صيغ العموم، فيتناول كل سنة أرادها بأمره ﷺ.
وروى الجوهري [مسند الموطأ ٧٨٣] بسنده عن إسماعيل بن أبي أويس قال: قال مالك: كان وهب بن كيسان يقعد إلينا ثم لا يقوم أبدا حتى يقول لنا: إنه لا يصلح آخر هذا الأمر إلا ما أصلح أوله. قلت: يريد ماذا؟ قال: يريد التقى اه وأيم الله لا يثبت للعبد تقوى حتى يجتنب البدع المهلكات فيتقيها تقاة. ولا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يتخذ السابقين الأولين إماما، ففيهم نزل قول الله ﵎ ينوه بقولهم (واجعلنا للمتقين إماما)[الفرقان ٧٤].
وقال رسول الله ﷺ: إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم. وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها. الحديث. فأبان أن العافية مضمونة للصحابة،