رأيناه كالتوام لما قدمناه من اشتقاق العرب. في الحاجة إليه، وفي النيابة عن أبي بكر رحمه الله بإيراده، وكثير ما يجري التساؤل بين أهل العلم عن هذه الكلمة وما رأيت فيها لأحد من العلماء المتقدمين ولا المتأخرين قولاً شافياً والله الموفق.
قال الحسين بن علي: لسنا نشك في أن المقصد باسم العرب معنى واحد من المعاني التي ذكرناها، وكذلك اللغة، لأن واضع الكلمة إنما يقصد بها الإخبار عن المعنى. فإن استردفت معنى آخر كان رجحاناً، ولكن لما كان الحقيقة المقصد خافياً عنا كنا مضطرين إلى حشد الأقوال لتطيب أنفسنا بأن الصواب في جملة واحدة مما أوردناه، وعلى هذا الاعتبار ففي اشتقاق اللغة سبعة أقوال: فالقول الأول: أنها من لغيت بالشيء الغي إذا أولعت وأغريت به. قال الفراء: يقال لغيت بالكلام أقوله، ولغي بالماء يشربه، إذا أولع به، وردده، ولغيت بمصاحبة فلان إذا لهجت به. وقال أبن الأعرابي أيضاً: لغى به ولكى به إذا لهج به. وقال أبو عبيد في " غريب المصنف ". عن الكسائي: لغيت بالماء ألغى إذا لزمت شربه، أو نحوا من هذا اللفظ.
وفي وزنهما قولان أحدهما أن أصلها كانت لُغية عن وزن فُعلة، فحذفت الياء تخفيفاً وبنيت الكلمة على النقص مع نظرائها جماعة الألفاظ، فإن قال قائل: فما بالهم لم يحذفوا الياء من دجية واحدة الدجى، وحكمه حكم لغيه؟ فجوابه: أن القياس إنما يطرد في الأصول والفروع المطرود عليها، فأما الحذف فإنما هو تخفيف، وفاعل التخفيف بالخيار فيه، إن شاء حذف وإن شاء أقر، وذلك على حسب المواقع في كثرة الاستعمال العاذرة في طلب الاختصار.