للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منه، فأذن له، وقال: «اكتبْ، فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق» (١).

٣ - وهذه الصحيفة التي كتبها عبد الله بن عمرو كان يسمّيها: "الصحيفة الصادقة"، وكان يضعها تحت وسادته، ويحافظ عليها بشدّة، ويعتزّ بها (٢)، حتى إنه جاء عنه أنه قال: "ما يرغّبني في الحياة إلا الصادقة والوَهْط. فأمَّا الصادقة، فصحيفة كَتَبْتُها من رسول الله ، وأما الوَهْط: فأرض تصدّق بها عمرو بن العاص، كان يقوم عليها" (٣).

٤ - ولا يُعرف على وجه التحديد عدد أحاديث هذه الصحيفة، لكن رجَّح بعضُ الباحثين أنها في حدود الأربعمائة، بناء على إحصائية عدد الأحاديث التي رواها عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، مما هو مروي في مسند أحمد والسُّنَن الأربعة (٤).

٥ - وقد أُتيح لمجاهد بن جبر (ت: ١٠٤ هـ) ، رؤية هذه الصحيفة عند صاحبها، فقد ورد عنه أنه قال: "رأيتُ عند عبد الله بن عمرو صحيفة، فذهبتُ أتناولها، فقال: مَهْ يا غلامَ بني مخزوم، قلتُ: ما كنتَ تمنعني شيئاً، قال: هذه الصادقة، فيها ما سمعتُهُ من رسول الله ، ليس بيني وبينه فيها أحد" (٥).

٦ - وإذ لم تصلنا هذه الصحيفة كما كتبها عبد الله بن عمرو بخطه، فقد ضمّ مسند الإمام أحمد، وبقيّة كتب السُّنَن أحاديث كثيرة منها، وربما معظمها،


(١) رواه أبو داود في "سننه" (٣٦٤٦)، وصححه الألباني وشعيب الأرناؤوط، وقال ابن حجر في "الفتح" ١/ ٢٠٧: "وله طرق أخرى عن عبد الله بن عمرو يقوي بعضها بعضاً".
(٢) ينظر "تاريخ الإسلام" للذهبي ٢/ ٦٦٦.
(٣) "سنن الدارمي" (٥١٣)، وإسناده فيه ضعف، فيه ليث ابن أبي سليم.
(٤) ينظر "أصول الحديث" للدكتور محمد عجاج الخطيب ص ١٧٢.
(٥) "المحدث الفاصل" للرامهرمزي ص ٣٦٧، "تقييد العلم" للخطيب البغدادي ص ٨٤.

<<  <   >  >>