للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانوا يردُّون روايته، ولا يلتفتون إليها.

ومن شواهد ذلك: ما أخرجه مالك في الموطأ، وأبو داود والترمذي، عن قَبيصة بن ذؤيب، قال: "جاءت الجَدّة إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها، فقال لها أبو بكر: "ما لَكِ في كتاب الله شيء، وما علمتُ لك في سُنَّة رسول الله شيئاً، فارجعي حتى أسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة: حضرتُ رسول الله : «أعطاها السُّدُس»، فقال أبو بكر: "هل معك غيرك"؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري ، فقال مثْل ما قال المغيرة، فأنفذه لها أبو بكر الصديق" (١).

ومن الشواهد: ما أخرجه الشيخان، عن أبي سعيد الخدري ، قال: كنتُ في مجلس من مجالس الأنصار، إذ جاء أبو موسى الأشعري كأنَّه مذعور، فقال: استأذنتُ على عمر بن الخطاب ثلاثاً، فلم يؤذن لي فرجعتُ، فقال: ما منعك؟ قلت: استأذنتُ ثلاثاً فلم يؤذن لي فرجعتُ، وقد قال رسول الله : «إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع»، فقال: والله لتقيمنّ عليه ببينة، أمنكم أحدٌ سمعه من النبي ؟ فقال أُبي بن كعب: "والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم"، فكنت أصغر القوم فقمتُ معه، فأخبرتُ عمر أن النبي قال ذلك (٢).


(١) "موطأ مالك" ٢/ ٥١٣، "سنن أبي داود" (٢٨٩٤)، "سنن الترمذي" (٢١٠٠)، وصحح إسناده الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (١٣٤٩).
(٢) "صحيح البخاري» (٦٢٤٥)، "صحيح مسلم» (٢١٥٣)، واللفظ للبخاري.
(تنبيه): هذا الذي وقع من الخليفتين الراشدين المقصود به طلب التثبت في الرواية والتوثق منها، وليس مقصودهما ردّ خبر الواحد وترك العمل به!! بدليل أنه قد ثبت عنهما قبول خبر الواحد الثقة في وقائع كثيرة يطول سردها، وانظر تعليق الحافظ الذهبي في "تذكرة الحفاظ" ١/ ٩، ١١.

<<  <   >  >>