للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(أ) تورّعهم وخشيتهم من الوقوع في الخطأ، أو الزيادة أو النقصان غير المقصود، فيقعون في الكذب على رسول الله من حيث لا يشعرون.

وما من شك في أن الإكثار من الرواية والتوسع فيها، مظنّة الوقوع في الخطأ والخطل ومخالفة الصواب. ولعلّ الصحابة كانوا يمتثلون في ذلك نهيه عن ذلك، كما ورد في حديث أبي قَتَادَة، أنه قال: سمعتُ رسول الله على المنبر يقول: «يا أيها الناس إياكم وكثرة الحديث عنّي، من قال عليّ فلا يقولنّ إلا حقاً، أو صِدْقاً، فمن قال عليّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار» (١).

(ب) الأمر الثاني الذي دفع الصحابة إلى الإقلال من الرواية: حتى لا يتخذ ذلك المغرضون مطيّة وذريعة للتزيّد في أحاديث النبي ، وتزييفها والدَّس فيها بحجّة الرواية.

• ومن شواهد إقلال الصحابة في الرواية:

ما أخرجه البخاري في صحيحه، عن عبد الله بن الزبير ، قال: قلتُ للزبير: إني لا أسمعك تحدِّث عن رسول الله كما يحدِّث فلان وفلان؟ قال: أَمَا إنّي لم أفارقه، ولكن سمعتُه يقول: «من كذب عليّ فليتبوأ مقعده من النار». (٢)

ومن الشواهد أيضاً: ما أخرجه مسلمٌ في مقدِّمة صحيحه، عن أنس بن مالك ، أنه قال: إنه ليمنعني أن أحدثكم حديثاً كثيراً أن رسول الله قال: «من تعمَّد عليّ كذباً، فليتبوأ مقعده من النار» (٣).


(١) رواه أحمد في "المسند" (٢٢٥٣٨)، وحسن إسناده: الألباني وشعيب الأرناؤوط.
(٢) "صحيح البخاري» حديث: ((١٠٧).
(٣) "صحيح مسلم" حديث: ((٢)).

<<  <   >  >>