للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتلقَّوْن الحديث الشريف، ويستمعون إليه، من فم صاحبه صلوات الله وسلامه عليه، أيام حياته.

وبعد وفاته : آثر الكثيرُ منهم البقاء في المدينة، وعدم الخروج منها، محبّة في سكنى المدينة، ورغبة في الموت فيها، حيث وردتْ النصوص في فضل ذلك، كقوله : «من استطاع أن يموت بالمدينة فليفعل، فإني أشفع لمن مات بها» (١).

٢ - وتمتاز هذه المدرسة: بأنها دارُ هجرة النبي ، التي عاش بها إلى أن لقي ربّه، وآثر أكثر الصحابة البقاء فيها بعد وفاته ، لا سيما الكبار منهم كأبي بكر وعمر وعثمان، وأبي هريرة وعائشة وزيد بن ثابت، وجابر بن عبد الله وغيرهم ، ومنها انتشر الحديث النبوي، حيث كان أكثر الرواة مدنيين.

٣ - وقد تخرج في مدرسة المدينة كبارُ التابعين؛ كسعيد بن المسيّب وعروة بن الزبير وابن شهاب الزهري، وسالم بن عبد الله بن عمر، وغيرِهم من أئمة الهدى، وأعلام الأمة في الحديث والفتوى، رحمهم الله تعالى.

٤ - كما امتازت المدينة المنورة إلى جانب مكة المكرمة: بأن روايات أهلها من أصحّ الروايات، فقد ذكر الخطيب البغدادي: "أن أصحّ طرق السُّنَن ما يرويه أهل الحرمين مكة والمدينة، فإن التدليس فيهم قليل، والاشتهار بالكذب والوضع في الحديث عندهم عزيز"، ثم ساق قولاً للإمام الشافعي: "إذا جاوز الحديث الحرمين فقد ضعف نخاعه" (٢).


(١) أخرجه أحمد في "المسند" ((٥٤٣٧)، وقال شعيب الأرناؤوط: "إسناده صحيح على شرط الشيخين".
(٢) "الجامع لأخلاق الراوي" ٢/ ٢٨٦.

<<  <   >  >>