الإمام أحمد ونحوه، بخلاف من يتعمَّد الكذب، فإن أحمد لم يروِ في مسنده عن أحدٍ من هؤلاء. ولهذا تنازع الحافظ أبو العلاء الهمذاني والشيخ أبو الفرج ابن الجوزي: هل في المسند حديث موضوع؟، فأنكر الحافظ أبو العلاء أن يكون في المسند حديث موضوع، وأثبت ذلك أبو الفرج. ولا منافاة بين القولين، فإن الموضوع في اصطلاح أبي الفرج، هو الذي قام دليل على أنه باطل، وإن كان المحدِّث به لم يتعمَّد الكذب بل غلط فيه، وأما الحافظ أبو العلاء وأمثاله فإنما يريدون بالموضوع المختلق المصنوع الذي تعمَّد صاحبه الكذب" (١).
وبناء على كلام ابن تيمية؛ فالجواب عن سؤال وجود أحاديث موضوعة في "مسند أحمد"، أن يقال: إن كان المرادُ بالحديث الموضوع: المصنوع الذي تعمَّد راويه الكذب، فليس في المسند شيء من ذلك، وإن كان يراد بالحديث الموضوع ما يُعْلَمُ قطعاً بطلانُ ثبوتِه عن النبي ﷺ، فقد وُجد في المسند شيءٌ من ذلك.
وللحافظ ابن حجر العسقلاني جزءٌ سمَّاه: "القول المسدَّد في الذَبّ عن المسند"، جَمَعَ فيه ما قيل: إنه موضوع من أحاديث "مسند أحمد"، وأجاب عنها بالتفصيل، وبيَّن بأنه لا يتأتى الحكم عليها بالوضع حسب رأيه.
٥ - والإمام أحمد لم يرتِّب أسماء الصحابة في المسند على نَسَقِ حروف المعجم، وإنَّما راعى أموراً عدّة في الترتيب، منها الأفضلية، ومنها بلدان الصحابة التي نزلوها، ومنها قبائلهم .. وربَّما جعل أحاديث بعضهم في أكثر من موضع.