للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كذلك يغلبُ عليها ذِكْرُ أحاديث الأحكام، دون الفضائل أو القَصَص، أو المواعظ أو الزهد أو العقائد، وإن ذَكَرَتْ شيئاً من ذلك فهو قليل.

٣ - لم يَشترط أبو داود الصحة في سننه، وقد نصّ على ذلك في رسالته إلى أهل مكة، فقال: "قد ذكرتُ في كتابي الصحيحَ وما يشبهه ويقاربه، وما فيه وَهَنٌ شديد بيّنته" (١).

ويُفهم من كلام أبي داود أنه لم يقتصر على الأحاديث الصحيحة فحسب، بل إنه يذكر ما يقاربها ويشبهها، وهي الأحاديث الحسنة. كما يُفهم من كلامه أن كتابه لا يخلو من الأحاديث الضعيفة، والضعيفة جداً، بَيْدَ أنه ينبّه على هذه الأخيرة، ولا يسكتُ عنها (٢).

٤ - تُعَدُّ سنن أبي داود الثالثة في الترتيب بعد الصحيحين، كما قاله غير واحد من العلماء، منهم الحافظ السخاوي (٣). لكنْ لو نظرنا إلى قلَّة الأحاديث الضعيفة، وقلَّة الرواة المجروحين، فإن سنن الإمام النَّسائي مقدَّمة، كما قرره الحافظ ابن حجر (٤). فلعلَّ من قدَّموا سنن أبي داود نظروا إلى غزارة المادة الحديثية ووفرتها، أو إلى تقدّم السِّنّ، فإن أبا داود أسنّ من النَّسائي، ومعدودٌ في شيوخه.

٥ - وسنن أبي داود من أجمع كُتُب السُّنَّة التي اعتنتْ بجمع أحاديث الأحكام، فقد كانت رغبة أبي داود جَمْعَ الأحاديث التي استدلّ بها فقهاء الأمصار، وبنوا عليها الأحكام. لذلك فما من فقيه من فقهاء المذاهب الأربعة


(١) "رسالة أبي داود إلى أهل مكة" ص ٢٧، "علوم الحديث" لابن الصلاح ص ٣٦.
(٢) انظر في هذا الموضوع "النكت على ابن الصلاح" لابن حجر ١/ ٤٣٥.
(٣) "فتح المغيث" ١/ ٨٧.
(٤) "النكت على ابن الصلاح" ١/ ٤٨٤.

<<  <   >  >>