للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى يبسها وجذاذها أضر ذلك بهم فاقتضت الحكمة الشرعية بعثة الخراص ليحرز الأموال ويحصى الزكاة ثم يخلى بينهما وبين أربابها ينتفعون بها وزنًا بين الفريقين بالقسطاس المستقيم.

وهل يجتزئ في ذلك بالخارص الواحد أو لابد من اثنين؟ فالمذهب يتخرج على قولين:

أحدهما: أنه يجتزئ بالواحد، وهو المنصوص في المذهب.

والثاني: إنه لابد من اثنين، وهذا القول مخرج غير منصوص [عليه] (١)، وهذا أحد أقاويل الشافعي.

وينبني الخلاف على الخلاف في الخرص هل طريقه طريق الشهادة، أو طريقه طريق الحكم؟

فإن قلنا: إن طريقه طريق الشهادة فلابد من اثنين.

فإن قلنا: إن طريقه طريق الحكم: فإنه يكتفي في ذلك بالواحد، والعدالة والمعرفة بالخرص معتبرتان بالاتفاق من الجميع.

وكون النبي - صلى الله عليه وسلم - يبعث عبد الله بن رواحة وحده إلى خيبر ليخرص التمر على اليهود عامًا بعد عام [فهذا] (٢) أدل الدلائل على إرسال الواحد إلا أن يعارضه قوله عليه السلام لأصحابه إذ مر بامرأة في حديقتها بوادي القرى حين ذهابه إلى تبوك: "اخرصوا" وخرص رسول - صلى الله عليه وسلم - عشرة أوسق (٣) الحديث.

فظاهر هذا أنه لو جاز الواحد ما قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "اخرصوا".


(١) سقط من أ.
(٢) سقط من أ.
(٣) أخرجه البخاري (١٤٨٢) ومسلم (١٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>