بُشرت كما سأل زكريا ﷺ الآية ولذلك سماها الله في تنزيله صديقة: ﴿وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ﴾ [المائدة: ٧٥]، وقال: ﴿وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (١٢)﴾ [التحريم: ١٢]؛ فشهد لها بالصديقية وشهد لها بالتصديق لكلمات البشرى وشهد لها بالقنوت.
وإنما بُشِّر زكريا بغلام فلحظ إلى كبر سنه وعقامة رحم امرأته فقال: ﴿أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ﴾ [آل عمران: ٤٠]، فسأل آية وبشرت مريم بالغلام فلحظت أنها بكر ولم يمسسها بشر فقيل لها: ﴿كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ﴾ [مريم: ٢١]، فاقتصرت على ذلك وصدقت بكلمات ربها ولم تسأل آية ممن يعلم كنه هذا الأمر ومن لامرأةٍ في جميع نساء العالمين من بنات آدم ما لها من هذه المناقب؟! [٤/ ٨٥]
استدل بعض علمائنا بهذه الآية على إثبات القرعة وهي أصل في شرعنا لكل من أراد العدل في القسمة وهي سنة عند جمهور الفقهاء في المستويين في الحجة ليعدل بينهم وتطمئن قلوبهم وترتفع الظنة عمن يتولى قسمتهم ولا يفضل أحد منهم على صاحبه إذا كان المقسوم من جنس واحد اتباعا للكتاب والسنة .... قال أبو عبيد:«وقد عمل بالقرعة، ثلاثة من الأنبياء: يونس وزكريا ونبينا محمد ﷺ». قال ابن المنذر: «واستعمال القرعة كالإجماع من