ليصده عن تنفيذ أمر الله، فجعل إبراهيم يرمي هذه الجمرات، فهذا لا أصل له ولا صحة له، وإبراهيم عليه الصلاة والسلام أجل من أن يرمي الشيطان بالحصيات، إذا مسَّك شيء من الشيطان فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، هكذا جاء في القرآن. قال الله عز وجل:(وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) وما رمي الجمرات إلا نظير تقبيل الحجر الأسود، لولا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبَّل الحجر الأسود ما قبَّلناه، لقول عمر رضي الله عنه حين قبله: أوالله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلك ما قبلتك" (١) . إذاً نحن نقبل الحجر لمجرد كونه عبادة لا للتبرك به، كما يفعله بعض الجهال، رأينا من لمجمل الصبي ويقف على الحجر يمسحه بيده ثم يمسح الصبي بهذه اليد تبركاً، وكذلك في الركن اليماني، فهذا من الغلط، فنحن لا نستلم الحجر الأسود ولا نقبله ولا نستلم الركن اليماني إلا تعبداً لا لقصد التبرك.
أسأل الله تعالى لي ولكم التوفيق لما يحب ويرضى، وأن يجعلنا ممن رأى الحق حقاً واتبعه، ورأى الباطل باطلاً واجتنبه، إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(١) أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب ما ذكر في الحجر الأسود (رقم ١٥٩٧) ، ومسلم، كتاب الحج، باب استحباب تقبيل الحجر الأسود في الطواف (رقم ١٢٧٠) .