وهناك وجه ثالث أنه لا ينطبق على الحديث، لأنه كما قلنا آنفاً: لو صلى وداوم على الصلاة وهو جاحد كان كافراً مع أنه لم يترك، فتبين بهذا أن تارك الصلاة كافر، وأن تأويل نصوص الكفر
على أن المراد به كفر النعمة لا يصح، وتأويلها على أن المراد به الجحود لا يصح أيضاً، وينبغي أن يعلم طالب العلم أنه مسئول أمام الله عز وجل يوم القيامة عن الحكم بما تقتضيه ظواهر الكتاب
والسنة، ويعلم أيضاً أن الحكم على الناس، وعلى أقوالهم، وأفعالهم، ومعتقداتهم ليس إلى أحد إلا إلى الله ورسوله، فما بالنا نتهيب أن نحكم على شخص بكفر دل الكتاب والسنة على أنه وصفه، وأنه مستحق له، إن التهيب من هذا مع دلالة النصوص كالتهيب من تحريم شيء دل الشارع على تحريمه مع وضوح أدلته، ولسنا نحن الذين نحكم على عباد الله، وعلى أفعال عباد الله، وإنما الذي يحكم هو الله عز وجل، سواء في كتابه، أو فيما جاء عن نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وعلى هذا فالواجب على الإنسان أن ينظر إلى النصوص على أنها متبوعة، لا على أنها تابعة، حتى يسلم من
التأويل، سواء أكان هذا التأويل قريباً أم بعيداً، إذا لم يدل عليه دليل من الكتاب والسنة، وبناء على هذا فإننا نقول: هذا الرجل الذي سألت عنه المرأة إذا كان ترك الصلاة لمدة خمس سنوات قبل وفاته مع سلامة بدنه وصحته وعقله فإنه يكون كافراً ميتاً على الكفر، إلا إذا علم أنه في آخر حياته تاب وصلى، وإذا قدر أنه مات على ترك الصلاة فإنه لا يجوز لها أن تحج عنه ولا أن تدعو له. فعليها أن تتحرى في أمرين: