منتفية في مسجد الجامع، فليس بعيداً على جماعتكم، ولا ضيقاً بهم، ولا فتنة بين أهل البلد فكلهم أخوة في الإيمان، واجب عليهم المودة بينهم، والتآلف والاجتماع، وأن يبتعدوا عن وساوس الشيطان ونزغاته من الجنة والناس.
وتعلمون بارك الله فيكم أن أهل العلم نصوا على أن الرجل إذا كان داخل البلد وجب عليه السعي إلى الجمعة وإن كان بينه وبين موضع إقامتها فراسخ، ومعنى ذلك أنهم لم يعذروا بهذا البعد، فكيف بمن لم يكن بينه وبين موضع إقامتها إلا ربع ميل أو أقل؟!
وتعلمون بارك الله فيكم أن أهل العلم نصوا على أن الرجل يجب عليه حضور الجمعة وإن لم يقدر إلا راكباً، أو محمولاً؛ لأنها لا تتكرر، بخلاف الجماعة إلا أن يكون عليه ضرر.
وتؤمنون بارك الله فيكم بأن خير الهدي هدي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه الخلفاء الراشدين، ومعلوم أن هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهدي خلفائه الراشدين أنهم لا يصلون الجمعة إلا في مسجد واحد، مع أن لهم مساجد في كل حي يصلون فيها الصلوات الخمس، حتى كانوا يأتون إلى الجمعة من أقصى المدينة من العوالي وغيرها.
قال ابن المنذر: لم يختلف الناس أن الجمعة لم تكن تصلى في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي عهد الخلفاء الراشدين إلا في مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: وفي تعطيل الناس مساجدهم يوم الجمعة واجتماعهم في مسجد واحد أبين البيان بأن الجمعة خلاف سائر