للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (التوبة:١١٨) ، فهذه آيات عظيمة تتلى في محاريب المسلمين ومنابرهم إلى يوم القيامة ويتقرب العبد إلى ربه بقراءة خبرهم واستماعه، وهذا شي عظيم.

وسواء كان ذلك في الأمور الشرعية أو في الأمور الكونية، ولكن هاهنا أمر يجب معرفته، وهو أن الخيرية والشرية ليست باعتبار قضاء الله - سبحانه وتعالى-، فقضاء الله تعالى كله خير، حتى ما يقضيه الله من شر هو في الواقع خير، وإنما الشر في المقضي، أما قضاء الله نفسه، فهو خير، والدليل قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الخير بيديك، والشر ليس إليك» ، ولم يقل الشر بيديك، فلا ينسب الشر إلى الله أبدا، فضلا على أن يكون بيديه، فلا ينسب الشر إلى الله لا إرادة ولا قضاء، فالله لا يريد بقضاء الشر شرا، لكن الشر يكون في المقضي، وقد يلائم الإنسان وقد لا يلائمه، وقد يكون طاعة وقد يكون معصية، فهذا في المقضي، ومع ذلك، فهو وإن كان شرا في محله فهو خير في محل آخر، ولا يمكن أن يكون شرا محضا، حتى المقضي وإن كان شرا ليس شرا محضا، بل هو شر من وجه خير من وجه، أو شر في محل خير في محل آخر.

ولنضرب لذلك مثلا: الجدب والفقر شر، لكنهما خير باعتبار ما ينتج عنهما، قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (الروم:٤١) ، والرجوع إلى الله - عز وجل -

<<  <  ج: ص:  >  >>