القدرية، لكنهم استدلوا بها على وجه العدل والجمع بينها وبين الأدلة التي استدل بها نفاة مشيئة العبد وقدرته.
وبهذا نعرف أن كلا من الجبرية والقدرية نظروا إلى النصوص بعين الأعور الذي لا يبصر إلا من جانب واحد، فهدي الله أهل السنة والجماعة لما اختلف فيه من الحق بإذنه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
حكاية:
مما يحكى أن القاضي عبد الجبار الهمذاني المعتزلي دخل على الصاحب ابن عباد وكان معتزليا أيضا، وكان عنده الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني، فقال عبد الجبار على الفور: سبحان من تنزه عن الفحشاء! فقال أبو إسحاق فورا: سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء! فقال عبد الجبار وفهم أنه قد عرف مراده: أيريد ربنا أن يعصى؟ فقال أبو إسحاق: أيعصى ربنا قهرا؟ فقال له عبد الجبار: أرأيت إن منعني الهدى وقضى عليَّ بالردى، أحسن إليّ أم أساء؟ فقال له أبو إسحاق: إن كان منعك ما هو لك، فقد أساء، وإن كان منعك ما هو له، فيختص برحمته من يشاء. فانصرف الحاضرون وهم يقولون: والله، ليس عن هذا جواب. ا. هـ.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن أهل السنة والجماعة وسط بين فرق المبتدعة في خمسة أصول ذكرها في (العقيدة الواسطية) فلتراجع هناك.
مراتب القدر:
وهي أربع يجب الإيمان بها كلها:
المرتبة الأولى: العلم، وذلك بأن تؤمن بأن الله تعالى علم كل شي جملة وتفصيلا، فعلم ما كان وما يكون، فكل شي معلوم لله، سواء كان دقيقا أم