الوجه الخامس: أن في هذه القصة أن الشيطان جاء إليهما وقال: " أنا صاحبكما الذي أخرجكما من الجنة "، وهذا لا يقوله من يريد الإغواء، وإنما يأتي بشيء يقرب قبول قوله، فإذا قال:" أنا صاحبكما الذي أخرجكما من الجنة "، فسيعلمان علم اليقين أنه عدو لهما، فلا يقبلان منه صرفا ولا عدلا.
الوجه السادس: أن في قوله في هذه القصة: " لأجعلن له قرني أيل ": إما أن يصدقا أن ذلك ممكن في حقه، فهذا شرك في الربوبية لأنه لا يقدر على ذلك إلا الله، أو لا يصدقا، فلا يمكن أن يقبلا قوله وهما يعلمان أن ذلك غير ممكن في حقه.
الوجه السابع: قوله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} بضمير الجمع، ولو كان آدم وحواء، لقال عما يشركان فهذه الوجوه تدل على أن هذه القصة باطلة من أساسها، وأنه لا يجوز أن يعتقد في آدم وحواء أن يقع منهما شرك بأي حال من الأحوال، والأنبياء منزهون عن الشرك مبرؤون منه باتفاق أهل العلم، وعلى هذا، فيكون تفسير الآية كما أسلفنا أنها عائدة إلى بني آدم الذي أشركوا شركا حقيقيا، فإن منهم مشركا ومنهم موحدا.