الثانية: معرفة أول شرك حدث في الأرض؛ كان بشبهة الصالحين. الثالثة: معرفة أول شيء غير به دين الأنبياء، وما سبب ذلك، مع معرفة أن الله أرسلهم. الرابعة: قبول البدع مع كون الشرائع والفطر تردها.
ــ
الثانية: معرفة أول شرك حدث في الأرض، وجه ذلك: أن هذه الأصنام التي عبدها قوم نوح كانوا أقواما صالحين، فحدث الغلو فيهم، ثم عبدوا من دون الله؛ ففيه الحذر من الغلو في الصالحين.
الثالثة: معرفة أول شيء غير به دين الأنبياء، وما سبب ذلك، مع معرفة أن الله أرسلهم، أول شيء غير به دين الأنبياء هو الشرك، وسببه هو الغلو في الصالحين، وقوله:"مع معرفة أن الله أرسلهم"، قال الله تعالى:{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ}[البقرة: ٢١٣] ؛ أي: كانوا أمة واحدة على التوحيد، فاختلفوا، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، وأنزل معهم الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه؛ فهذا أول ما حدث من الشرك في بني آدم.
الرابعة: قبول البدع مع كون الشرائع والفطر تردها.
قوله:" قبول البدع "، أي: أن النفوس تقبلها لا؛ لأنها مشروعة، بل إن الشرائع تردها، وكذلك الفطر السليمة تردها؛ لأن الفطر السليمة جبلت على عبادة الله وحده لا شريك له؛ كما قال الله تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}[الروم: ٣٠] ؛ فالفطر السليمة لا تقبل تشريعا إلا ممن يملك ذلك.