للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ}

ــ

؛ كما أن العلم بالقلب أيضا لا يلزم منه الإدراك؛ قال الله تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه:١١٠] .

ونحن نعلم ربنا بقلوبنا، لكن لا ندرك كيفيته وحقيقته، وفي يوم القيامة نرى ربنا بأبصارنا، ولكن لا تدركه أبصارنا.

الآية الثانية: قوله: {عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ} [المطففين:٢٣] .

الأرائك: جمع أريكة، وهي السرير الجميل المغطى بما يشبه الناموسية.

ينظرون: لم يذكر المنظور إليه، فيكون عاما لكل ما يتنعمون بالنظر إليه.

وأعظمه وأنعمه النظر إلى الله تعالى؛ لقوله تعالى: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ} [المطففين:٢٤] ؛ فسياق الآية يشبه قوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ؛ فهم ينظرون إلى كل ما يتنعمون بالنظر إليه.

ومنه النظر إلى قرناء السوء يعذبون في الجحيم؛ كما قال تعالى: {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ} قَالَ أي: لأصحابه: {هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ} : هل. للتشويق يطلعون على ماذا؟! على هذا القرين، {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ} !! أعوذ بالله! رآه في سوائها، أي: في أصلها، وقعرها، سبحان الله! هذا في أعلى عليين، وهذا في أسفل سافلين، وينظر إليه مع بعد المسافة العظيمة!

لكن نظر أهل الجنة ليس كنظر أهل الدنيا، هناك ينظر الإنسان في ملكه في الجنة مسيرة ألفي عام ينظر أقصاه كما ينظر أدناه، من كمال النعيم؛ لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>