للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن» ، حيث قلتم: إن المراد أن الله سبحانه وتعالى متصرف في القلوب، ولا يمكن أن تكون القلوب بين إصبعين من أصابع اليد، فإن هذا يقتضي الحلول، وأن أصابع الله حالة في صدر كل إنسان.

قلنا: هذا كذب على السلف، والسلف ما أولوا هذا التأويل، ولا قالوا: إن الحديث كناية عن سلطان الله تعالى، وتصرفه في القلوب، بل قالوا: نثبت أن لله تعالى أصابع، وأن كل قلب من بني آدم فهو بين إصبعين من أصابعه على وجه الحقيقة، ولا يلزم من ذلك الحلول أبدا، فإن البينية بين شيئين لا يلزم منها المماسة والمباشرة، أرأيتم قول الله تعالى: {وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} ؟ هل يلزم من ذلك التعبير أن يكون السحاب لاصقا بالسماء والأرض؟ لا يمكن، فقلوب بني آدم كلها كما قال نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو أعلم الخلق بالله: «بين إصبعين من أصابع الرحمن» ، ولا يلزم من ذلك أن يكون مماسا لهذه القلوب، بل نقول كما قال نبينا، ونقول هذا على وجه الحقيقة، وليس فيه تأويل.

ونثبت مع ذلك أيضا أن الله تعالى يتصرف في هذه القلوب كما يشاء، كما جاء في الحديث، ونقول: اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك.

المثال السابع والأخير: فهو الحجر الأسود يمين الله في الأرض، قال أهل التأويل: إنكم تؤولون هذا الحديث، لأنكم لا يمكن أن تقولوا: إن الحجر هو يد الله.

ونقول: هذا حق، لا يمكن لأحد أن يقول: إن الحجر الأسود هو يد الله عز وجل، ولكن قبل أن نجيب على هذا نقول: إن هذا الحديث باطل، ولا يثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>