للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر الله تعالى مرتبة رابعة في جدال أهل الكتاب فقال تعالى: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) (١) .

فيختار طالب العلم من أساليب الدعوة ما يكون أقرب إلى القبول، ومثال ذلك في دعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم -: جاء أعرابي فبال في جهة المسجد، فقام إليه الصحابة رضي الله عنهم يزجرونه، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولما قضى بوله دعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال له: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر، إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة، وقراءة القرآن " (٢) أو كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، أرأيتم أحسن من هذه الحكمة؟ فهذا الأعرابي انشرح صدره واقتنع حتى إنه قال: "اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا " (٣) .

وقصة أخرى: عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه، قال: بينما أنا أصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله! فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه! ما شأنكم تنظرون إلي! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم. فلما رأيتهم

يصمتونني، سكتّ. فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبأبي هو وأمي! ما


(١) سورة العنكبوت، الآية: ٤٦.
(٢) رواه مسلم/كتاب الطهارة/باب وجوب غسل البول، برقم (٢٨٤) (٩٩) .
(٣) رواه البخاري/كتاب الوضوء/باب صب الماء على البول في المسجد برقم (٢٢٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>