للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحقيقة الثالثة: الاستعانة بهم في الدفاع عن البلد إذا اضطر المسلمون إليهم، وهذا أولى بالجواز من الأول، بل قد يكون مطلوبًا على سبيل الوجوب أو على سبيل الاستحباب حسب خطر المهاجم

ولهذا قال أهل العلم: "إن الجهاد في هذه الحال فرض عين يجب حتى على النساء والشيوخ والصبيان القادرين ". وقد قال الله تعالى (وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ) (١) فأمر بقتل من قاتلنا في المسجد الحرام مع أن القتال عنده حرام، لكن الدفاع له شأن آخر.

ولكن متى قلنا بجواز الاستعانة بهم في حال الضرورة، فإن الواجب أن تَتَقَدَّر بقدرِها، وأن يرحلوا عن البلد من حين الاستغناء عنهم؛ لأن بقاءهم في الجيش، جيش السلمين، يؤدي يقينا أو ظنًا

غالبًا إلى فساد كبير، لاسيَّما مع كثرتهم وشعورهم، أو إعطائهم الشعور بأنهم المنقِذُون الحامون وأنهم أبطالُ المعركة، فإن هذا يؤدي إلى عُلوِّهم واستكبارهم واستعبادهم الجيش الإسلامي ومن وراءه، مع أن الواجب على الجيش الإسلامي أن يكون قويًّا بدينه، لا يلحقه

وهن ولا ضعف ولا ذل إلا لله تعالى وحده، قال الله تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٢) وقال الله تعالى: (فَلَا


(١) سورة البقرة، الآية: ١٩١.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>