للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مُفْتَعِل مِن الطَلَب، ولا يَطَّرِدُ في مِثْلِ (خَبَطْتُ) لأنَّ الفِعلَ يكونُ لغيرِ المخاطَبِ والمتكلِّم، فَلا تَقَعُ التاءُ في آخرِهِ فلم يَلْزَمْهُ لُزومَ التاءِ للطاءِ في (مُفْتَعِلٍ).

يقولُ هذا للحارِثِ بنِ أَبي شَمِرِ الغَسَّاني (٢٤٤٦)، وكانَ قَدْ أَوقَعَ ببني تَميمٍ وأَسَرَ منهم تسعينَ رَجُلًا فيهم شَأْسُ بن عَبَدَة أَخُو عَلقَمَةَ، فوَفَدَ عليه عَلْقَمَةُ مادِحًا له وراغبًا في أَخِيه، فلَمَا أَنشَدَهُ القصيدةَ وانتَهَى منها إلى هذا البيتِ قالَ له الحارِثُ: نَعَمْ وأَذْنِبَةٌ، والذَنُوبُ: الدَلْوُ مَلْأى ماءً، فَضُرِبَتْ مَثَلًا في القِسْمِ والحَظِّ. ومعنى خَبَطْتَ أَسْدَيْتَ وأَنْعَمْتَ، وأَصلُ الخَبْطِ ضَرْبُ الشَجرةِ بالعَصَا لِيَتَحاتَّ وَرَقُها فَتُعْلَفَهُ الابِلُ، فجَعَلَ ذلك مَثَلًا في العَطَاء، وجَعَلَ كُلَّ طالِبِ معروفٍ مُخْتَبِطًا وكُلَّ مُعْطٍ خابِطًا، وبَعدَ البيتِ (٢٤٤٧):

فَلَا تَحْرِمَنِّي نائِلًا عن جَنَابَةٍ … فإنِّي امرُؤُ وَسْطَ القِبابِ غَرِيبُ

والجَنابَةُ: الغُرْبَةُ.

فخَيَّرَهُ الحارِثُ بينَ الحِبَاءِ الجَزْلِ وإِطْلاقِ أَسْرَى تَميمٍ له، فقالَ: عَرَّضْتَني لألْسِنَتِهم، دَعْنِي يَوْمِي هذا حَتَّى انْظُرَ في أَمْرِي، ثُمَّ أَتاهُم في السِجْنِ فَعَرَّفَهُم تَخْييرَ الحارِثِ له فقالوا > له <: وَيْلَكَ أَتَسِيرُ وتَتْرُكنا؟ فقال (٢٤٤٨): فإنَّ المَلِكَ سَيَكْسُوكم ويَحْمِلُكُم ويُزَوِّدُكم، فإذا بَلَغْتُم الحَيَّ فَلِيَ الكسوَةُ والحِمْلانُ وبَقِيَّهُ الزادِ إن اختَرْتُ إطْلاقَكُم، قالوا: نَعَم، فدَخَلَ مِن غَدِهِ على الحارِثِ وعَرَّفَهُ أَنَّه قَد اخْتارَ اطْلاقَهُم على الحِباء، فأَطْلَقَهُم وكَسَاهُم وحَمَلَهم، فلَمَّا انتَهوا إلى الحَيِّ وَفُّوا لعلقمةَ بما جَعَلوا لَهُ.

هذا آخِرُ [ما اجتَمَعَ عليه حَمَلَةُ الكتاب] (٢٤٤٩) مِن الشواهِدِ فيه، وفي بعضِ


(٢٤٤٦) والحارث أحد أمراء غسان في أطراف الشام، أدرك الإسلام ومات في عام الفتح. (المعارف ٦٤٢، تاريخ الخميس ٢/ ٣٨ - ٣٩).
(٢٤٤٧) ديوان علقمة ٤٨.
(٢٤٤٨) في ط: قال.
(٢٤٤٩) في ط: آخِرُ جملة ما اشتمَلَ عليه الكتاب.

<<  <   >  >>