لأن المشار إليه مضاف محذوف؛ أي حبذا حسن هند (٢)، ولا يتقدم المخصوص على "حبذا"؛ لما ذكرنا من أنه كلام جرى مجرى المثل (٣)، وقال ابن رباب: شاذ؛ لئلا يتوهم أن في "حب ضميراً"(٤)، وأن "ذا" مفعول.
تنبيه: إذا قلت: "حب الرجل زيد، فحب هذه من باب "فعل" المتقدم ذكره،
(١) - ذلك لأنه في الأصل خطاب لامرأة طلقت زوجا غنيا لكبره، وأخذت شابا فقيرًا، وكان ذلك في زمن الصيف، فلما جاء الشتاء أرسلت للأول تطلب منه لبنا؛ فقال لها ذلك، وصار مثلا يضرب لمن يطلب الشيء بعد تفريطه فيه، و"الصيف" منصوب على الظرفية لضيعت.
(٢) - هذا قول غير مسلم؛ لأنه لو كان كما ذكره، لظهر هذا المبتدأ المقدر في بعض التراكيب العربية؛ ولم يثبت ذلك إطلاقًا، فهو قول لا دليل عليه.
(٣) - وإلى هذا يشير الناظم بقوله:
وأول "ذا" المخصوص أيا كان لا … تعدل بذا فهو يضاهي المثلا*
أي أتبع كلمة "ذا" وجيء بعدها بالمخصوص أيا كان؛ مفردا مذكرا أو غيرهما. ولا تعدل بذا أو تمل إلى سواه؛ أي لا تدخل عليه تغييرا مطلقا؛ فهو يشبه المثل في لزومه حالة واحدة للجميع.
(٤) - أي ضميرا مرفوعا على الفاعلية عائدا على المخصوص، وهذا التوهم بعيد؛ لأن معنى هذا التركيب قد اشتهر في غير ذلك المعنى المتوهم. على أن هذا التوهم الذي يفر منه، لا يمتنع وروده على الذهن بسبب التأخير؛ لأنه يفهم أن "ذا" مفعول مقدم، و"زيد" فاعل مؤخر.
* "وأول" فعل أمر يتعدى لاثنين؛ أي أتبع. "ذا" مفعول أول. "المخصوص" مفعول ثان، ويجوز العكس. "أيا" اسم شرط، خبر لكان مقدم، وهي فعل الشرط، واسمها يعود إلى المخصوص. "لا" ناهية "تعدل" مضارع مجزوم بها، والجملة جواب الشرط، وحذفت الفاء للضرورة. "فهو" الفاء للتعليل، و"هو" ضمير منفصل، مبتدأ "يضاهي" المثلا": "المثلا" مفعول، يضاهي، والجملة خبر المبتدأ.