للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومذهب سيبويه: أن "حب" فعل، و "ذا" فاعل، وأنهما باقيان على أصلهما (١). وقيل: ركبا وغلبت الفعلية لتقدم الفعل؛ فصار الجميع فعلاً، وما بعده فاعل (٢). وقيل: ركبا وغلبت الاسمية لشرف الاسم؛ فصار الجميع اسماً مبتدأً، وما بعده خبره (٣). ولا يتغير "ذا" عن الإفراد والتذكير، بل يقال: حبذا الزيدان والهندان؛ أو الزيدون والهندات؛ لأن ذلك كلام جرى مجرى المثل (٤)، كما في قولهم: "الصيف ضيعت اللبن". يقال لكل

الشطر الثاني وقد جمع بينهما.

(١) - أي أنهما جملة فعلية ماضوية لإنشاء المدح، و"ذا" كفاعل "نعم"؛ لا يجوز إتباعه، وإذا وقع بعده اسم؛ نحو: حبذا الرجل، فهو المخصوص، لا تابع لاسم الإشارة، وإلى هذا أشار الناظم بقوله:

ومثل نعم "حبذا" الفاعل "ذا" … وإن ترد ذما فقل "لا حبذا"*

أي مثل "نعم" مع فاعلها في إنشاء المدح جملة "حبذا"، وهي جملة فعلية، الفاعل فيها هو "ذا". وعند إرادة الذم قل "لا حبذا" بزيادة "لا" النافية. ويجب وصلها بذا كتابة.

(٢) - هذا رأي ضعيف؛ لأنه لم يعهد تركيب فعل من فعل واسم، على أنه قد يحذف المخصوص، والفاعل لا يحذف، كما في قول الشاعر:

ألا حبذا لولا الحياء وربما … منحت الهوى ما ليس بالمتقارب

(٣) - وأجاز بعضهم كون "حبذا" خبرا مقدما، والاسم بعده مبتدأ مؤخرا. وينسب هذا إلى المبرد وابن السراج. وضعف بأن "حبذا" لو كان اسما لوجب تكرار "لا" عند إهمالها في نحو: لا حبذا زيد ولا عمرو، وأيضا: عمل "لا" في معرفة إن أعملت عمل "إن" أو ليس. وبقي وجه آخر؛ وهو: أن يكون "حب" فعلا، و"ذا" ملغاة، والاسم بعده فاعل.

(٤) - أي في كثرة الاستعمال، وفيه علة تقتضي عدم التغيير كالمثل؛ وهي: إرادة الإبهاما بذا، ثم الإيضاح بما يأتي بعدها مثل: ربه رجلا، و ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾.


* "ومثل" خبر مقدم "نعم" مضاف إليه. "حبذا" مبتدأ مؤخر مقصود لفظه. "والفاعل ذا" مبتدأ وخبر. "وإن ترد" شرط وفعله. "ذما" مفعول ترد. "فقل" الفاء واقعة في جواب الشرط. "لا" نافية. "حبذا فعل وفاعل، والجملة في محل نصب مقول القول، وجملة القول جواب الشرط. زائدة. "بالباء" متعلق بجر، وقصر للضرورة. "ودون ذا" دون ظرف متعلق بمحذوف، حال من محذوف للعلم به، وذا مضاف إليه. "انضمام" مبتدأ. "الحاء" -بالقصر- مضاف إليه. "كثر" الجملة خبر المبتدأ، والتقدير: وانضمام الحاء من حب حال كونه دون "ذا" كثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>