للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستثنى من المضمن معنى الفعل دون حروفه: أن يكون (١) ظرفا أو مجرورًا مخبرًا بهما (٢)؛ فيجوز بقلة توسط الحال بين المخبر عنه والمخبر به؛ كقوله:

بنا عاذ عوف وهو بادي ذلة … لديكم … ... … ... … (٣)

تقدير سيبويه، ويرى المبرد والزجاج والفارسي ومن تبعهم، أن الناصب لهذين الحالين "كان" محذوفة، وصاحب الحال هو الضمير المستتر في "كان".

وإلى جواز أحد الحالين المنصوبين بأفعل التفضيل المذكور، أشار الناظم بقوله:

ونحو "زيد مفردًا أنفع من

عمرو معانا" مستجاز لن يهن*

أي نحو هذا المثال مما فضل فيه شيء في حال على غيره، أو نفسه في حال أخرى، وقد أوضحنا السبب في ذلك. ومعنى مستجاز: أجازه النحاة. ولن يهن: أي لن يضعف مثل هذا الأسلوب.

(١) أي العامل.

(٢) أي متأخرين عن المخبر عنه.

(٣) جزء بيت من الطويل، لم تقف على قائله، وهو بتمامه:

بنا عاذ عوف وهو بادي ذلة … لديكم فلم يعدم ولاء ولا نصرًا

اللغة والإعراب: عاذ: اعتصم والتجأ. عوف: اسم رجل. بادي ذلة: ظاهر المهانة.

يعدم: يفقد، ولاء: موالاة ومناصرة. نصرا: إعانة. "بنا" متعلق بعاذ. "عوف" فاعل عاذ. "هو" الواو للحال، وهو مبتدأ. "بادي" حال من الضمير المستكن في "لديكم" الواقع خبرا للمبتدأ. "ذلة" مضاف إليه. "فلم" الفاء عاطفة ولم جازمة. "ولاء" مفعول يعدم و"لا" اللام زائدة لتوكيد النفي، "نصرا" معطوف على "ولاء".

المعنى: التجأ إلين عوف واستعان بنا، وقد ظهر عليه الهوان والمذالة وهو مقيم عندكم، فأقلنا عثرته ونصرناه، وقدمنا له العون والمساعدة.


* "ونحو"، "زيد" مبتدأ كذلك. "مفردا" حال من ضمير أنفع العائد إلى زيد. "أنفع" خبر عن زيد. "من عمرو" متعلق بأنفع. "معانا" حال من عمرو، وجملة "زيد مفردا، إلى معانا" في محل جر بإضافة "نحو" إليها مقصود لفظها. "مستجاز" خبر نحو، "يهن"؛ أي يضعف، مضارع منصوب بلن، وسكن للوقف، وفاعله يعود على نحو، وجملة "يهن" وفاعله في محل رفع خبر ثان، أو صفة للخبر السابق.
الشاهد: أن "بادي" حال من ضمير الظرف وهو "لديكم" المنتقل إليه من متعلقة كما هو معلوم، وقد تقدم الحال على عامله الظرف، مع توسطه بين المخبر عنه والخبر، ولو جعل "بادي" حال من "هو" على رأي سيبويه الذي يجبز مجيء الحال من المبتدأ، لم يكن في البيت الشاهد المطلوب، وما ذكره المؤلف والناظم تبعا فيه قول الأخفش والفراء، وهو عند الجمهور ضرورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>