= و"ترين" مضارع مؤكد مسند لياء المخاطبة، وأصله قبل التوكيد:"ترأيين" نقلت حركة الهمزة إلى الساكن قبلها وهو الراء، ثم حذفت الهمزة تخفيفًا، فصار "تريين"، قلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت لالتقاء الساكنين فصار "ترين"، ثم دخل الجازم فحذف النون، وأكد، فالتقى ساكنان، وتعذر حذف أحدهما لما مر، فحركت الياء بالكسرة للمجانسة فصار:"ترين". و"تتبعان" مضارع مسند لألف الاثنين، وأصله قبل دخول لا الناهية للتوكيد. "تتبعان" دخل الجازم، فحذف نون الرفع، ثم أكد، فالتقى ساكنان، فحركت نون التوكيد بالكسر، ولم تحذف الألف؛ لئلا يلتبس بالواحد، ولم تحرك؛ لأنها لا تقبل الحركة. وقد تبين أن النون لم تباشر الفعل في هذه الأمثلة؛ للفصل بواو الجماعة، وياء المخاطبة، وألف الاثنين. ولذلك أعرب إعرابًا تقديريا في "لتبلون"؛ لأن علامة الرفع -وهي النون- محذوفة مقدرة الثبوت، ولفظيًا في "ترين" و"تتبعان"؛ لأن حذف النون فيهما للجازم. ويتضح مما تقدم أن للمضارع حالتين: الإعراب؛ بشرط ألا تباشره نون التوكيد، أو نون النسوة، والبناء؛ إما على الفتح إذا باشرته نون التوكيد، أو على السكون إذا اتصلت بآخره نون النسوة. وتعرف المباشرة من غيرها: بأن المضارع إذا كان مرفوعًا بالضمة قبل دخول نون التوكيد، فإنه يبنى بعد مجيئها؛ لأن الاتصال يكون مباشرًا، وإذا كان مرفوعًا بالنون قبل دخولها، فلا يبنى؛ لوجود الفاصل الظاهر أو المقدر، وهو الضمير. وفي بناء الأمر والماضي، وإعراب المضارع غير المباشر لإحدى النونين، يقول ابن مالك:
وفعل أمر ومُضيٍّ بنيا … وأعربوا مضارعا إن عَرِيا
من نون توكيد مباشر، ومن … نون إناث؛ كَيَرعْنَ من فُتِن*
أي: إن فعل الأمر والفعل الماضي مبنيان. والمضارع معرب إن خلا من نون التوكيد المباشرة، ومن نون الإناث؛ كيرعن من قولك: النساء يرعن -أي: يخفن- من فتن بهن.
(١) لأن الحرف وحده لا يؤدي معنى في نفسه، فلا ينسب إليه أي فعل. وعلى ذلك فلا تتوارد عليه معان يحتاج في التمييز بينها إلى الإعراب.
* "وفعل أمر" مبتدأ ومضاف إليه. "ومضي" معطوف على أمر. "بنيا" ماض مبني للمجهول والألف ضمير الاثنين نائب فاعل والجملة خبر المبتدأ. "وأعربوا مضارعًا" فعل وفاعل ومفعول. "إن حرف شرط جازم "عريا" -أي: خلا- فعل الشرط في محل جزم، والألف للإطلاق، وجواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام -أي: إن المضارع من النون أعرب، ومعنى عري: خلا. "من نون" متعلق بعري "توكيد" مضاف إليه. "مباشر" نعت لنون "ومن نون إناث" معطوف على ما قبله ومضاف إليه "كيرعن" -أي: يخفن- خبر لمبتدأ محذوف، وقد تقدم مثله، والنون للنسوة. "من" اسم موصول مفعول يرعن باعتباره فعلًا قبل أن نقصد لفظه مع باقي الجملة من الفاعل ونائب الفاعل صلة الموصول لا محل لها.