للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والفراء يقول: إن استوى العاملان في طلب المرفوع فالعمل لهما (١)، نحو: قام وقعد أخواك، وإن اختلفا (٢) أضمرته مؤخرا (٣)، كضربني وضربت زيدا هو:

وإن احتاج الأول لمنصوب لفظا أو محلا (٤): فإن أوقع حذفه في لبس، أو كان العامل من باب "كان" أو من "باب "ظن" وجب إضمار المعول مؤخرا، نحو: استعنت واستعان على زيد به (٥)، وكنت وكان زيد صديقا إياه (٦)، وظنني وظننت زيدا قائما

المعنى: استتر واختفى وراء هذه الشجرة، لاصطياد تلك البقرة الوحشية، وأراد اصطيادها رجال بالنبال، وكلاب صيد، فغلبتهم وفرت، ولم يتمكنوا من اصطيادها.

الشاهد: إعمال ثاني العاملين، وهو "أراد" في رجال، وإعمال الأول، وهو تعفق في ضميره، وحذفه مع أنه نائب فاعل على رأي الكسائي ومن معه، فرارا من الإضمار قبل الذكر، ويمكن أن يجاب: بأن في تعفق ضميرا مستترا يعود إلى رجال، وهو وإن كان جمعا، فهو في تأويل المفرد، فصح استتار ضميره مفردا.

وهذا البيت من القصيدة المشهورة التي مطلعها:

طحا بك قلب في الحسان طروب … بعيد الشباب عصر حان مشيب

(١) لأنهما -ومطلوبهما واحد- كالعامل الواحد، فأخواك في المثال فاعل لقام وقعد، وإن اختلفا لفظا ومعنى.

(٢) أي في طلب المعمول، وإن كان أولهما يطلب مرفوعا.

(٣) إنما أخر هربا من الإضمار قبل الذكر، ولم يحذف فرارا من حذف الفاعل، وإلى هنا انتهى كلام الفراء.

(٤) المنصوب لفظا هو: ما يصل إليه العامل بنفسه، ومحلا: ما يصل إليه بواسطة حرف جر.

(٥) "استعان" الأول يطلب زيدا مجرورا بالباء، والثاني يطلبه فاعلا، فأعلمنا الثاني، وأضمرنا ضمير زيد مجرورا بالباء مؤخرا، ولم نحذفه؛ لأن حذفه يوقع في لبس؛ لأنه لا يعلم، إن كان زيد مستعانا به أو عليه، وإضماره مقدما يلزم عليه الإضمار قبل الذكر، من غير ضرورة.

(٦) فـ"كنت وكان" تنازعا "صديقا" على الخبرية، فأعلمنا الثاني فيه، والأول في ضميره مؤخرا، ولم يحذف؛ لأنه عمدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>